وقوله تعالى {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ} [النجم:59-60] ، في معرض الذم لمن يضحك وهو يتلو كتاب الله، ولمن لا يبكي وهو يتلو كتاب الله سبحانه، ففيها الحث ضمناً على التباكي عند قراءة كتاب الله سبحانه وتعالى، وقد دلت على ذلك آيات، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء:107-109] .
فيشرع التباكي عند تلاوة القرآن لهذه الآيات الكريمة، ولقوله أيضاً: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة:83] ، وقد قال القائل: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل) ، زاد أحد الرواة في هذا الحديث (من البكاء) ، فيشرع التباكي عند تلاوة القرآن.
قوله: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم:61] ، سامدون فيه أقوال، أحدها: لاهون، والآخر: تغنون، يعني يستبدلون الغناء بتلاوة القرآن.