وقد ذكر العلماء رحمهم الله جملة حروز يُحترز بها من الشيطان: أولها وأعظمها: ذكر الله عز وجل والاستعانة به سبحانه, وقد ورد في حديث الحارث الأشعري رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها) ، فذكر من الخمس الكلمات (وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعاً، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم) ، فذكر الله للعبد بمثابة الحصن، فالشيطان يفر عند ذكر الله سبحانه وتعالى، ويقبل على العبد ويجثم على صدره إذا هو غفل عن ذكر الله سبحانه وتعالى.
ومن الحروز: التعوذات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون:97-98] وقراءة المعوذتين مع سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] وقراءة الآيتين -الأخيرتين- من سورة البقرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ هاتين الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه) قال فريق من العلماء: كفتاه من الشيطان، وقيل: كفتاه عن قيام الليل، وثم أقوال أخر، ومن ذلك قول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، إذا نزلت منزلاً، وقول: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاثاً صباحاً وثلاثاً مساء، فلا يضرك شيء حتى تمسي وحتى تصبح.
ومن الحروز: صلاة أربع ركعات أول النهار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: يا ابن آدم! اركع لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره،) .
وادفع الوساوس عن إخوانك فلا تقف في مواقف الشبهات، فإنها يدخل منها إبليس إلى قلوب إخوانك فيظنون بك ظن السوء، ولذلك لما كان النبي صلى الله عليه وسلم واقفاً مع صفية بنت حيي فرآه رجلان من الأنصار فأسرعا، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: (على رسلكما إنها صفية بنت حيي.
فقالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءًا أو قال شيئاً) .
ومن الحروز: الانتهاء عن الاسترسال في الفكر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟ حتى يقول له: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ فإذا بلغ ذلك أحدكم فليستعذ بالله، ولينته) ، وفي رواية (فليقل: {اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:1-4] ) ومن الحروز: أن تمسح على صدرك وتقول باسم الله (ثلاثاً) ، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (سبعاً) ، وقد جاء عثمان بن أبي العاص الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو إليه وجعاً يجده في صدره منذ أسلم، فقال: (ضع يدك على الذي تألم، وقل: باسم الله (ثلاثاً) ، وأعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (سبعاً)) .
ومن الحروز: سجود السهو حتى لا يسترسل معك الشيطان بعد ذلك، ويفسد عليك عبادتك، قال عليه الصلاة والسلام: (فإذا سها أحدكم في صلاته فليسجد سجدتين قبل أن يسلم) وفي بعض الروايات أنه سجدها بعد أن سلم صلى الله عليه وسلم، وقال: (كانتا ترغيماً للشيطان) فذكر الله عند الدخول وعند الخروج، ومسح الجسد باليد بعد قراءة المعوذات، هذه كلها حروز نافعة بإذن الله، ولا تحتاج معها أن تذهب إلى من يعالج، ويخلط الرجال بالنساء، ولا غير ذلك.
وفقنا الله لما يحبه ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.