قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:30] ، قالوا: كاهن، وقالوا: مجنون، و (أم) هنا بمعنى: بل، أي: بل يقولون: شاعر نتربص به ريب المنون، و (نتربص) أي: ننتظر، و (ريب المنون) أي: مصائب الدهر، فكأنهم يقولون: انتظروا فسيموت محمد عن قريب، وتستريحون من محمد ومن شره! هكذا يقولون، (نتربص به ريب المنون) أي: ننتظر به مصائب الدهر التي تحل به، كما قال شاعر كان مولعاً بامرأة قد تزوجت: تربص بها ريب المنون لعلها تطلق يوماً أو يموت حليلها فقوله: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور:30] أي: حوادث الدهر، أي: ننتظر به حوادث الدهر تحل به، وكما قال سبحانه وتعالى معقباً على مقالتهم وعلى ظنهم السيئ الرديء: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء:34] ، وكما قال الشاعر: فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا فالموت سيأتي الجميع.
قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِر} [الطور:30] أي: بل يقولون شاعر، {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا} [الطور:30-31] أي: انتظروا، {فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} [الطور:31] أي: من المنتظرين.