تفسير قوله تعالى: (ألم تر أن الله يزجي سحاباً.)

وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا} [النور:43] قوله: (يزجي) أي: يسوق، والإزجاء هو السوق، {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} [النور:43] (يؤلف) يعني: يجمع، فالله سبحانه وتعالى يسير السحاب، ثم يجمع بينه أي: يضم بعضه إلى بعض، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} [النور:43] أي: يجمع بينه، ومنه قولهم للمؤلف: مؤلف؛ لأنه يجمع بين الأخبار التي في موضوع واحد، {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ} [النور:43] فالتأليف يطلق على الجمع أيضاً، كقوله تعالى: {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ} [الأنفال:63] أي: ما جمعت، {ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} [النور:43] أي: متراكماً بعضه فوق بعض، كما قال سبحانه: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} [الطور:44] أي: بعضه يعلو بعضاً.

{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا} [النور:43] يعني: أولاً يسير السحاب، ثم يجمع بينه، ثم يعلو بعضه بعضاً بإذن الله، {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [النور:43] و (الودق) : هو المطر عند الجمهور، ومن أهل العلم من قال: إن المراد به الرعد، لكن جمهور العلماء على أن (الودق) هو المطر، {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ} [النور:43] أي: من بينه، {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور:43] ، وأنت إذا ركبت الطائرة ونظرت إلى السحاب أسفل منك وجدته تماماً كالجبال بعضه يعلو بعض، وتحصل فيه منخفضات ومرتفعات كالجبال تماماً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015