وهذه الآية تعد أيضاً من آيات جبران الخاطر، فآيات جبران الخاطر تقدمت لها النماذج، مثل قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة:241] فجبر الله خاطر المطلقة بأن جعل لها متعة، وجبر خاطر اليتامى والفقراء في تقسيم الميراث فقال: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء:8] أي: أعطوا المساكين إذا حضروا شيئاً من المال.
ومن الأدلة على جبران الخاطر أيضا هذه الآية التي نحن بصددها، ومعناها: لا تؤتوهم الأموال لكن قولوا لهم قولاً معروفاً، وهو تطييب الخاطر ولو بالكلمة، ونحوه قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء:26] إلى قوله سبحانه {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء:28] يعني: إذا لم ترد أن تعطي الوالدين أو الأقارب أو المساكين المال لعلة من العلل فقل لهم قولاً طيباً ميسوراً، قل لهم مثلاً: إن شاء الله يوسع الله عليّ وأعطيكم كل ما تريدون، أو أي كلام طيب يعد جبراً للخاطر مقابل منع المال عنهم.
{وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء:5] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (والكلمة الطيبة صدقة) .