السفه أصلاً معناه الرقة، ومنه قولهم: هذا ثوب سفيه.
أي: رقيق خفيف المزج، فالسفهاء هم قليلو العقول أو رقيقو العقول أو ضعفاء العقول، هذا أصل تعريف السفه، فالسفيه ضعيف ورقيق العقل.
ومن العلماء من فسر السفهاء هنا بالنساء والصبيان، قال: لأن المرأة همتها تتلخص في إلقاء المال في التزين لزوجها في الغالب كما قال سبحانه: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18] فالنساء في الغالب لا يحسن التصرف إلا من رحم الله منهن، والصبيان كذلك.
ومن العلماء من فسر السفهاء بمن لا يحسن التصرف بصفة عامة، ومن العلماء من فسر السفهاء بالفساق، والأولى أن السفيه: هو كل ضعيف لا يحسن التصرف في المال أخذاً أو إعطاءً، وحكمه ألا يمكن من التصرف في ماله.
وهذه الآية من الآيات الدالة على الحجر على الأشخاص، فهنا حجر على السفيه، وهناك أنواع أخرى من الحجر: كالحجر على المفلس -وهو المدين- حتى يؤدي للناس حقوقهم.
والحجر على البكر، فلا تتزوج إلا بإذن وليها.
{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء:5] ، أي: التي وكلكم الله وجعلكم قائمين عليها، فأشعرت الآية أن المال الذي في يديك إنما هو مال الله وأنت قائم عليه فقط.
{الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء:5] أي: أنتم قائمون على هذا المال، فالأصل أننا مستخلفون في هذا المال، ولسنا مالكين له، فمادة القيام من القيوم، والقيوم أي القائم، كما قال تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد:33] ولذلك أطلق اسم القيوم على الله سبحانه وتعالى، ومعناه: القائم على كل شيء، وبإذنه تقوم السماء والأرض.
فـ {جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء:5] أي: جعلكم قائمين على هذه الأموال، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل القائم على حدود الله) أي: المحافظ على حدود الله والعامل بحدود الله.
{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا} [النساء:5] قد تقدم أن حروف الجر تتناوب، أي: وارزقوهم منها.
: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء:5] أي: لا تعطوهم المال ولكن طيبوا خاطرهم ولو بكلمة.