وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} من هم أولي الأمر؟ لأهل العلم فيهم قولان: أولهما: أنهم ولاة الأمور، وثانيهما: أن المراد بأولي الأمر: أهل العلم، ولفظ أولي الأمر يأتي أحياناً محمولاً على الولاة، وأحياناً على أهل العلم، حمله على أهل العلم كما في قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ} [النساء:83] فأولي الأمر هنا هم أهل العلم، فالآية نزلت في شأن عمر، لما بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق أزواجه، فذهب إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا بالناس جلوس يبكون، فطرق واستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له بعد ثلاث، فقال: (هل طلقت نساءك يا رسول الله؟ قال: لا، فكبر عمر) فأنزل الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء:83] ، فكان عمر من أولي الأمر مع أنه لم يكن أميراً على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحياناً يأتي اصطلاح أولي الأمر ويقصد به الولاة الذين قال الله في شأنهم: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ} [الحج:41] ، وأحياناً -كما ذكرنا- يراد بأولي الأمر: أهل العلم، والآيات هنا محتملة للاثنين معاً.
{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} أولي الأمر هنا محمولة على الاثنين معاً، محمولة على الولاة ومحمولة على العلماء.