تفسير قوله تعالى: (وما يغني عنه ماله إذا تردى)

قال تعالى: {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل:11] ، (تردى) أي: سقط، سقط في جهنم، هذا المال الذي جمعه ولم ينفقه في الطاعات لا يغني عنه كما قال هو بنفسه في الآية الأخرى فيما حكى الله عنه: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة:28-29] ، وكما قال سبحانه في الآية الثالثة: {الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ} [الهمزة:2-3] ، أي: يظن، {أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} [الهمزة:2-6] ، فهو سينبذ في الحطمة، أي: في النار الموقدة، وماله سيقذف به أيضاً معه في الحطمة.

فهنا يقول تعالى: (وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ) ، أي: الذي بخل به، (إِذَا تَرَدَّى) ، أي: إذا سقط في النار، فالمال ليس بنافع صاحبه يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يتبع الميت ثلاثة: أهله، وماله، وعمله -يعني: إلى القبر- فيرجع اثنان، ويبقى واحد) ، يتبع الميت المال والأهل والعمل، فيدخل مع الميت في القبر العمل، ويرجع المال والأهل، يبقى واحد، ويرجع اثنان، العمل هو الذي يصاحب صاحبه إلى القبر، ويرجع المال ويرجع الأهل، فالمال لا ينفع صاحبه إلا مع إيمان، قال الله سبحانه: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ:37] ، وقال تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ} [الأنعام:70] ، أي: بالقرآن، {أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ} [الأنعام:70] ، أي: تحبس نفس، {بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ} [الأنعام:70] ، يعني: إن تقدم كل فدية، {لا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ} [الأنعام:70] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015