وهذه نصوص كلها تدل على مشروعية الرقية، لكن ما هو توجيه الوارد من كراهيةٍ في شأن الرقية؟ الوارد من النهي في شأن الرقية، هو أن تطلب أنت لنفسك شخصاً يرقيك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اكتوى) ، وإن كان للكي أيضاً حكم فيه تفصيل (أو استرقى) ، أي: طلب الرقية لنفسه: (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل) ، أخرجه أحمد بإسناد حسن.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب: (هم الذين لا يسترقون) ، وورد هذا الحديث بلفظ في إحدى روايات مسلم من طريق سعيد بن منصور: (هم الذين لا يرقون) ، وقد حكم الحفاظ على هذه اللفظة في صحيح مسلم بأنها شاذة إسناداً؛ لأن جمهور الرواة رووا الحديث بلفظ: (لا يسترقون) ، وشاذة أيضاً معنىً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام رقى غيره.
فلفظة: (لا يرقون) ، وهمٌ من سعيد بن منصور، وعلى هذا جمعٌ من العلماء كالحافظ ابن حجر رحمه الله، وكشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعدد من أهل العلم رحمهم الله تعالى.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب: (هم الذين لا يسترقون) ، أي: لا يطلبون الرقية.
ونحمل هذا الطلب على الرقية لأنفسهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ أم سلمة: (استرقي لها) ، أي: الجارية، وقال لـ أسماء بنت عميس: (استرقي لهم) أي: للأطفال، فالحاصل: أن طلب الرقية للنفس مكروه، لحديثين الأول: (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل) .
والثاني: في قصة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب منها: أنهم (لا يسترقون) .