حكم الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم

Q هل يفدي الشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم إذا أفطر؟

صلى الله عليه وسلم إن جئت إلى الأدلة: قال الله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] من هم الذين يطيقونه؟ أهل العلم لهم فيها قولان: الجمهور قالوا: الذين يطيقونه.

أي: يتحملون صومه، فالآية معناها: وعلى الذين يتحملون الصوم ويستطيعون الصوم إذا أرادوا أن يفطروا أفطروا وأطعموا عن كل يوم مسكيناً {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] قالوا: على هذا التأويل جاءت الآية لكنها نسخت بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185] .

ابن عباس قال: الآية ليست منسوخة، إنما المعنى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة:184] أي: يتحملون صومه وهو شاق عليهم، فإذا أرادوا أن يفطروا فإنهم يطعمون عن كل يوم مسكيناً، لكن هذا تأويل مخالف لتأويل الجمهور، ثم يعرض عليه أيضاً أن الشيخ الكبير لا يستطيع صومه أصلاً لا بمشقة ولا بغير مشقة.

وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيها شيء فيما علمت في أمر الشيخ الكبير أصلاً، فالآثار عن الصحابة فيها أثر عن أنس بن مالك (أنه لما كبر كان يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكيناً) وهذا الوارد الصريح في الباب، لكن قال بعض أهل العلم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) فكيف تلزمون الشخص بشيء في ماله إن لم يلزمه به الله ورسوله، فالرجل مخاطب بالصوم، ولكنه ما استطاع الصوم، والله تعالى يقول: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم) وهذا لم يستطع الصوم ولا القضاء في عدة من أيام أخر، والآية ليست صريحة، إنما الجمهور قالوا فيها ما تقدم إذا كان فعل الصحابي أنس بن مالك فإن شئت أن تختر فعله لنفسك فاختر فعله لنفسك، لكن لا تلزم به غيرك من المسلمين.

هذا الحاصل في هذا الباب، فإن أراد الشخص أن يفعل بفعل أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ويفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً إذا كان شيخاً كبيراً فعل، وإلا فلا فليس هناك دليل صريح ملزم أصلاً.

ويلحق بهذا: المريض مرضاً مزمناً فهو لا يستطيع الصوم ولا القضاء مطلقاً، فهذا لا نستطيع أن نلزمه بشيء، قال الله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] قال المريض: أنا أصبر إلى أن تأتي أيام أخر، ولكن مرضي لا يرجى برؤه مطلقاً، فلا دليل على إلزامه بالإطعام فيما علمت لا من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015