باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد: يذكر الله سبحانه وتعالى الصنف الثالث من أهل الآخرة، فيقول سبحانه: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ * إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} [الواقعة:41-45] .
قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} [الواقعة:41] أطلق عليهم أصحاب الشمال كما قال فريق من أهل العلم: لأنهم يتلقون كتبهم بشمالهم.
وكيف يجمع بين تلقيهم الكتب بالشمال كما في قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ} [الحاقة:25] وبين قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} [الانشقاق:10] ؟ فمن العلماء من قال: يؤتاه بالشمال من وراء ظهره كذلك، فتمتد اليد الشمال خلف الظهر ويتلقى الكتاب على هذه الحال والعياذ بالله! {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ} [الواقعة:41] ، تكريرها لبيان هول وعظم ما أعد لهم، أي: وأصحاب الشمال وما أدراك ما حال أصحاب الشمال؟! إنه حال سيئ ومذل ومخز، والعياذ بالله! حالهم {فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ} [الواقعة:42] (السموم) : الريح الحارة الشديدة، و (الحميم) : الماء الحار الشديد الذي قد انتهى إلى أعلى درجات حرارته.
{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} [الواقعة:43] الدخان الأسود الشديد، وهذا هو الذي يظللهم، فريح حارة شديدة، والظل الذي يستظل به دخان أسود كثيف مؤذٍ، والماء الذي ظن أنه يتبرد به من الحميم.
{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} [الواقعة:43-44] هذا مصيرهم في الآخرة.