الدرس الثالث من الدروس التربوية في قصة يوسف هو الابتلاء: فها هو نبي من أنبياء الله يبتلى بإخوانه، ويبتلى بالرق والعبودية، ويبتلى بفتنة الشهوة، ويبتلى بفتنة الملك، ويبتلى بالسجن، قال عز وجل: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يوسف:35] .
فالابتلاء سنة جارية، ما من نبي ولا رسول على الإطلاق إلا وابتلي أبداً من لدن آدم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً، ونحن من نحن حتى لا نتعرض للمحن ولا نبتلى؟! فهؤلاء رسل الله وأنبياء الله قد تعرضوا للمحن والفتن والابتلاءات، فالابتلاء سنة جارية ثابتة؛ لتمحيص الصف، وتمييز الخبيث من الطيب.
أرجو من الشباب أن يفهموا هذا الدرس جيداً، وإياكم وأن تظنوا أن الابتلاء لأهل الحق إنما هو غضب من الله على أهل الحق، فهل غضب الله على حبيبه المصطفى؟! كلا! فليس أحد أغير على الحق وأهله من الملك، ولكن الابتلاء هو كما قال ربنا جل وعلا: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:2-3] ، وقال جل وعلا: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة:214] .
فالابتلاء سنة جارية؛ لتمحيص الصف، وتمييز الخبيث من الطيب، فأرجو من أحبابي وإخواني إذا ابتلي الواحد منهم أن يصبر على الابتلاء.
نسأل الله جل وعلا أن يستر ذنوبنا، اللهم استر ذنوبنا، اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وارزقنا الإخلاص والصدق في أقوالنا وأعمالنا، أنت ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.