أما المصدر الأخير بإيجاز فهو: منهج السلف الصالح باعتباره يمثل التصديق العملي للقرآن والسنة.
واعلموا -أيها الإخوة- أن السلفية ليست جماعة، وليست حكراً على أحد، وليست حزباً لأحد، بل إن السلفية تيار ممتد إلى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وإلى الصحابة كـ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وإلى التابعين، وإلى الأئمة الراشدين المهديين، فمن سلك طريق هؤلاء فهو منتسب إلى سلف الأمة الصالح، حتى ولو لم يعاصرهم بالمكان والزمان، ومن تنكب عن طريقهم وسلك طريقاً غير طريقهم، ودرباً غير دربهم فليس منهم وإن جمع بينه وبينهم الزمان والمكان، فلا ينبغي أبداً أن يأتي أحد أحبابنا ليجعل من السلفية جماعة حزبية ضيقة، وإنما السلفية تيار ممتد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء الطائفة المنصورة في كل زمان، وكان هؤلاء الذين يسيرون على طريق المصطفى، وعلى طريق سلف الأمة الصالح، وعلى طريق التابعين وتابع التابعين، وعلى طريق الأئمة الراشدين المهديين من بعدهم، من سار على هذا الطريق فهو منتسب إلى سلف الأمة الصالح، وأي شرف هذا، وأي نسب هذا!! فلا ينبغي هذا التعصب، وهذا التحزب والتخلف.
يا أحبابي! إننا الآن نقبل على مرحلة حرجة، وعلى مرحلة خطيرة تحتاج منا أن نكون جميعاً يداً واحدة، وأن نكون جميعاً قلباً واحداً، وأن نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لا شك، وأعلم علم اليقين أن من بين إخواننا من هو على خطأ عقدي، بل ومنهجي، بل وفكري، بل وقد يكون على خطأ حركي، ولكن إذا تخليتم أنتم عنه، وتخليت أنت فمن الذي سيأخذ بأيدي إخواننا إلى الصواب والحق؟ فلننصهر جميعاً في بوتقة الحب في الله مع تصحيح الأخطاء، لا أقول: أن ندني رءوسنا في الرمال كالنعام لا.
مع تصحيح الأخطاء العقدية، والمنهجية، والفكرية، بل والحركية، ولكن في ساعة من الحب الندي، والتعرف الجياش، والرحمة الواسعة، فلنكن كمجتمع الصحابة الأول إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
أيها الأحبة! اعتصموا بالله، وتوكلوا، واجتمعوا على الحق كرجل واحد، والله إن الله جل وعلا سائلنا عن هذا الدين، وإن أعظم خطر علينا هو هذه الفرقة، وهذا الشتات والتزمت، وأنتم تعلمون جميعاً أن أهل الباطل على اختلاف مشاربهم، وأيدلوجياتهم وقوانينهم ونظمهم ما اتفقوا على شيء مثل اتفاقهم على الكيد للإسلام، واستئصال شأفة المسلمين، وأهل الحق متفرقين، متشتتين متناحرين، ومتطاحنين متشرذمين.
أيها الحبيب! أنا بشر، أخطئ وأصيب، إياك أن ترفعني إلى مرتبة الملائكية أو الرسالة! كلا.
فإن أخطأت أنا من يصحح لي الخطأ، من يأخذ بيدي إلى الصواب إن تركتني وأنت أخي وحبيبي في الله، ولكن الحقيقة ألا يجسوا الأخطاء، وإنما ينبغي أن يتحركوا في ذل وتجرد وتواضع لله، وذلة لأخيك وانكسار لتأخذ بيمينه إلى الحق.
ووالله -أقولها- إن الأخ لو وجد أن أخاه قد أتاه مخلصاً صادقاً محباً له متجرداً لله يدعوه إلى الحق، ويقول: يا أخي في الله، ويا حبيبي هذا غلط، وهذا باطل، والدليل من القرآن والسنة الصحيحة كذا وكذا، لو علم الله منك صدق النية لذلل لك القلوب، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
أسأل الله جل وعلا أن يردنا وإياكم إلى هذا المنهج التربوي الأصيل، إلى القرآن والسنة الصحيحة، بفهم سلف الأمة، باعتبار هذا الفهم يمثل التطبيق العملي للقرآن والسنة.
أسأل الله جل وعلا أن يجزيكم خير الجزاء على هذا العناء والمشقة والكلف والنصب فجزاكم الله خيراً أيها الأحباب، وأسأل الله أن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال، وأسأل الله أن يحرم وجوهكم جميعاً على النار.
اللهم لا تخرج واحداً من هذا المكان إلا بذنب مغفور، وسعي مشكور، وتجارة لن تبور، برحمتك يا عزيز يا غفور! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل اللهم فينا شقياً ولا محروماً.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكسُ المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع، وأقر أعيننا بنصر الإسلام وعز المسلمين.
اللهم اجعل مصرنا بلد الأمن والأمان، اللهم اجعل مصرنا بلد الأمن والأمان، اللهم اجعل مصرنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين.
اللهم ارفع عن أبنائنا وشعبنا الغلاء والوباء يا رب العالمين! اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء يا رب العالمين! اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا وارحمنا إنك أنت التواب الرحيم.
وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.