يقول الله عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة:79].
وإذا تأملنا هذه الآية تجد الكتابة بصيغة الماضي، أما كسب وزر هذه السنة فمستمر إلى ما شاء الله، ولذلك أتى بصيغة المضارع التي تفيد الاستمرار، كما قال عليه الصلاة والسلام: (من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)، قال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت:13]، فيقول الله عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} [البقرة:79]، يعني: الكتابة والتحريف حصل، {وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة:79]، يعني: مما يكسبون من الوزر حين تضل أجيال بعد أجيال بسبب هذا التحريف في دين الله عز وجل.
ويقول عز وجل: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:78]، فهذا حال عامة بني إسرائيل أنهم يدينون للأحبار والرهبان بهذا الحق في التحليل والتحريم، ويتعبدون بما يستحدثونه لهم من العبادات.
فما يسمى بـ: (البابا) ليس مفتياً أو شخصاً عادياً كشيخ أو عالم مجتهد! لا، البابا عندهم مشرع، له عندهم هذا الحق في التحليل والتحريم، وكما ذكرنا ليس فقط في العبادات بل لابد من الرجوع إليهم أيضاً فيما يخص الذنوب والخطايا، ومهازل صكوك الغفران مما يؤيد ذلك.