والله سبحانه وتعالى يتكلم، وقد أثبت ذلك كما قال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً} [الشورى:51] ، وكلامه صفة من صفاته الاختيارية، وهذا معنى قوله: (متى شاء بما شاء كما شاء) ، فهو صفة اختيارية.
ومعنى الصفة الاختيارية: الصفة المتكررة التي تتعلق بالمشيئة والإرادة، فكل صفة تعلقت بالمشيئة والإرادة وكانت متكررة فهي من الصفات الاختيارية، أما الصفات التي لم يرد تعليقها بالإرادة كالاستواء ونحوه فلا تعد من الصفات الاختيارية، بل هي من صفات الأفعال فقط، والصفات المعلقة بالإرادة هي مثل: الإحياء والإماتة والخلق والرزق وإنزال المطر وغير ذلك، فهذه كلها معلقة بالمشيئة.
قال: (ويتكلم متى شاء) : معناه: في أي ساعة شاء، وفي أي وقت شاء، فالكلمات التشريعية قد تكلم بها في الوقت الذي شاء وأكمل تشريعه، والكلمات الكونية لا يزال يتكلم بما شاء منها (يتكلم متى شاء بما شاء) .
[كما شاء] .
معناه: أن كلامه التشريعي يأتي بلغات مختلفة على ما شاءه الله سبحانه وتعالى، فتارة ينزله بالعبرية وتارة بالعربية وغير ذلك، فيتكلم بأية لغة شاء، وينزل بها كلامه، وهذا معنى قوله: (كما شاء) .
وأيضاً: فإن ذلك الكلام تارة يكون محكماً وتارة يكون متشابهاً، وكلٌ من عند الله: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء:78] ، {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران:7] ، فكل من عند ربنا، بمعنى أنه هو الذي شاء لهذا أن يكون مجملاً، وشاء لهذا أن يكون متشابهاً، لذلك قال: (كما شاء) .