ثم تكلم على الكلام الكوني بعد الكلام التشريعي فقال: [لو أن الكلم مداده البحر بسبعة أمد وشجر الأرض قلام ما نفد] (لو ان) هذا بنقل الهمزة وهي قراءة ورش عن نافع في كل القرآن.
(لو ان الكلم) ، معناه: لو أن الكلم وهو اسم جنس وواحدته: كلمة، والمقصود به: كلام الله الكوني.
(مداده البحر بسبعة أمد) البحر المقصود به: ما يعرفه الناس من المحيطات والبحار والأنهار، فكلها يطلق عليها البحر؛ لأن (أل) التي فيها جنسية.
(بسبعة أمد) معناه: بسبعة أبحر غير المعروفة، فهذه الأرض ما فيها كله بحر واحد، فهو المقصود هنا، واليبس من الأرض حوالي الربع فقط وكل البقية بحار، ومع ذلك فهذا البحر المعروف لدنيا، وهو ما في الدنيا من الماء كله، سواء كانت بحاراً أم محيطات أو أنهاراً أو بحيرات أو بحيرات جوفية؛ كل ذلك داخل في قوله: بحر، (لو أمد) هذا البحر بسبعة أبحر من مثله ما نفدت كلمات الله، وعدد السبعة كما ذكرناها من قبل له سر الله أعلم به، ولكن المقصود هنا المبالغة، أي: أنه لا يمكن أن يحتوي مخلوق أياً كان هذه الكلمات الكونية.
(وشجر الأرض قلام) : كذلك لو أن شجر الأرض كله كان قلاماً، وقلام: جمع قلم، وأقلام أيضاً جمع قلم.
(ما نفد) : أي: هذا الكلام، وهذا مأخوذ من الآيتين المذكورتين: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} [لقمان:27] وفي قوله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} [الكهف:109] .