قال: وأما قولكم: قاتل ولم يسبِ ولم يغنم، أتسبون أمكم -لأنه كان في الطرف الآخر في القتال في معركة الجمل عائشة، أتسبون أمكم ثم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟ -أتأخذون عائشة في السبي وتطئونها ملك يمين وفي السبي؟ - فقد كفرتم إن فعلتم هذا، وإن زعمتم أنها ليست أمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، إن الله يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب:6] فإذا قلتم: ليست أمنا كذبتم الله، وإذا قلتم أمنا فهل تسبون أمكم وتطئونها؟ وأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيهما شئتم، أخرجت من هذه؟ قالوا: الله منعنا.
والجهاد في الإسلام يكون لأسباب، فمنها: جهاد الكفار الذين رفضوا الإسلام أن ينتشر في بلادهم، ووقفوا سداً أمام الدعوة، فيقاتلون لكسر شوكتهم ليكون الدين لله، لكن لو فتحوا لنا بلادهم قالوا: ادخلوا إلى بلادنا واحكموهم بالإسلام فلا نقاتلهم.
قتال آخر: وهو قتال الدفع، إذاً يوجد جهاد هجومي وجهاد دفاعي، والذي ينكر الجهاد الهجومي كذاب أشر، منهزم بغيض، سفيه جاهل؛ فإن الصحابة في عهد أبي بكر وعمر بن الخطاب جاهدوا فارس والروم وهجموا عليهم وغزوهم إلى بلادهم حتى فتحوها، فالذي ينكر أن في الإسلام جهاداً هجومياً؛ مثل انهزام العقلانيين أصحاب المدرسة التنويرية الذين ينكرون الجهاد الهجومي على الكفار، وإنما حملهم على ذلك الانهزام النفسي، فقالوا: أين نذهب بوجوهنا من الكفار فإنهم يقولون: أنتم تهاجمون وتظلمون، فإذاً الجهاد في الإسلام للدفاع عن النفس.
ونقول: وماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة؟ هل كانوا يفعلون الباطل والظلم والاعتداء على الناس، فتباً لهم! وهناك جهاد الدفع، إذا هجم الأعداء لزم دفعهم وجهادهم، وهناك قتال شرعي، كما لو خرجت طائفة على إمام المسلمين وخليفتهم؛ فإنهم إذا أبوا الرجوع وتسلحوا قوتلوا لإرغامهم على الدخول في بيعة الخليفة، (إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الآخر منهما) هذا قتال شرعي، بين مسلمين وعلي رضي الله عنه قاتل من هذا الباب، ولا يلزم أن يكون قتال علي لمن خرج عن بيعته وهو الخليفة أن يكون مثل جهاد المشركين فيه سبي وغنائم، لكن الخوارج ما فهموا هذا، وقالوا: لماذا قاتل علي معاوية وقاتل عائشة والجيش الذي فيه عائشة، وما أخذ غنائم؟