الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، الحمد لله الذي خلق الإنسان، علمه البيان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد سيد الأولين والآخرين، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وهو سيد البلغاء وإمام الفصحاء، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة وسلاماً تامين إلى يوم الدين.
إخواني: إن موضوع هذه الليلة من الأهمية بمكان، وهو من المواضيع الجميلة التي هي من الأدب، والشريعة جاءت بالأدب، وهذا الدين قد جاء بالأدب، ولا شك أن مواضيع الأدب تزين المسلم، وتحثه على التخلق بالأخلاق الحميدة والفاضلة؛ لأن الإسلام يعتني بالمسلم من جميع الجوانب، ويريد الإسلام أن يميز المسلم بعقيدته وعبادته وأخلاقه وآدابه ومظهره.
وهذا الدين لا شك أنه أحسن الأديان وأفضلها وأعلاها، ولا شك أن هذه الشريعة هي خاتمة الشرائع، وأن ما جاء فيها هو أفضل ما جاء إلى أي أمة من الأمم من قبلنا.
وموضوع "أدب الكلام والمحادثة" أهميته في نقاط متعددة.
فهو يحتاجه المسلم حتى إذا أراد أن يحادث ربه ويتكلم مع الله، وكذلك فهو يحتاجه في الكلام مع أهل العلم، ومع أصحابه وأصدقائه، ومع زوجته، وهو أدب يحتاج إليه في المجالس؛ لأن الناس اجتماعيون بطبعهم، وهم يختلطون ويتلاقون ويجتمعون ويتزاورون، فإذا عدم هذا الأدب -وهو أدب الكلام والمحادثة- صارت اللقاءات مضيعة للأوقات مجلبة للعداوة والشحناء والبغضاء، ليس فيها كبير فائدة، بل ربما انطوت على ضيق وهم وغم بسبب ترك أدب الكلام والمحادثة.