تاسع عشر: من آداب قضاء الحاجة: وضع ما معه من ذكر الله قبل دخوله ما لم يخش عليه، فإذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء فيه ذكر لله تعالى استحب له أن يضعه، وأما بالنسبة لحديث أنس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه).
الذي رواه ابن ماجة وأبو داود، فقد قال أبو داود: هذا حديث منكر، وقيل: إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يضعه؛ لأن فيه محمداً رسول الله ثلاثة أسطر؛ يعني: محمد في سطر، ورسول في سطر، ولفظ الجلالة (الله) في سطر، وإذا أدار فص الخاتم إلى باطن كفه فلا بأس، قال أحمد رحمه الله: الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه ويدخل الخلاء.
وقال عكرمة: اقلبه هكذا في باطن كفك واقبض عليه.
ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين، وقال أحمد في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم: أرجو ألا يكون به بأس.
لأن اسم من ضرب الدراهم وصك النقود كان لا يخلو من مثل: المستعصم بالله، والمتوكل على الله، وما شابه ذلك، فهو لا يخلو من وجود لفظ الجلالة، فماذا نفعل عند ذلك؟ لو قلنا: ضع المال خارج دورة المياه لسرق، وسرقة النقود أو ضياعها مفسدة كبيرة، فالشرع لا يأمر بأن تضع نقودك إذا كنت تخشى عليها، وكذلك ما مع الإنسان في المحفظة وغيرها مما قد يكون فيه ذكر لله عز وجل من الإثباتات والأوراق فإنه إذا لم يجد مكاناً مأموناً وضعها معه داخل الجيب وهي ليست مفتوحة.
وكذلك ورد في أسنى المطالب: ويكره عند قضاء الحاجة حمل المكتوب للقرآن، يقول: قلت: الوجه تحريم اصطحاب المصحف ونحوه من غير الضرورة؛ لأنه يحمله مع الحدث ويعرضه للأذى ولما فيه من عدم توقير القرآن، ويحمل كلامهم على ما لم يحرم على المحدث حمله كالدراهم والخاتم وما تعم به البلوى.
إذاً ينتبه الإخوان الذين يحملون المصاحف ألا يدخلوا بها إلى الخلاء، بل يضعوها في خانة.
لكن لو أنه نسيه ودخل فتذكر قبل الشروع في قضاء الحاجة فإنه يخرج ويتركه في مكانٍ خارج الخلاء وإذا لم يتذكر إلا بعد شروعه فإنه قطع حاجته فيه أذى وضرر عليه، فلذلك لو أنه أبقاه في جيبه وأسرع بالخروج فليس له مندوحة، أو قد لا يكون له طريقة أخرى فلعله إن شاء الله لا يأثم؛ لأنه لم يكن متعمداً إدخال المصحف، ثم إنه قد يضره أن يقطع حاجته ويخرج.