ومن آداب الزيارة كذلك: جواز أكل الطعام عند المضيف، فلو أن شخصاً قال: إذا زرت قوماً فقدموا لي طعاماً ولم تكن الدعوة إلى طعام، فهل لي أن آكل؟
صلى الله عليه وسلم نعم.
فقد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى: من طريق أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار أهل بيتٍ من الأنصار، فطعم عندهم طعاماً، فلما أراد أن يخرج أمر بمكانٍ من البيت فنضح له بساطٍ، فصلى عليه ودعا لهم) قال ابن حجر رحمه الله: "من فوائد هذا الحديث: استحباب الزيارة، ودعاء الزائر لمن زاره وطعم عنده".
فالإنسان لا يقصد زيارة إخوانه في وقت طعامٍ وهم لم يدعوه للطعام، فمن أتى إلى وليمة ولم يُدع إليها فكأنما دخل مغيراً وخرج سارقاً، ولذلك فإنه إذا زارهم فقدم له طعام من عندهم، من غير أن يتعمد أو يكلفهم فإنه يجوز له أن يأكل.
وقال البخاري رحمه الله: باب الزيارة ومن زار قوماً فطعم عندهم، وزار سلمان أبا الدرداء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأكل عنده، قال الشراح: "الأكل عند المزور مما يثبت المودة ويزيد المحبة" وقال ابن حجر في فوائد هذا الحديث: "من تمام الزيارة أن يقدم للزائر ما حضر" أي طعام ٍيتيسر، وقد نهى النبي عليه لصلاة والسلام عن التكلف للضيف، قدم له إذا زارك ما تيسر من حلوى أو فاكهة أو نحوها.