كذلك من آداب التلاوة: أنه إذا مرَّ بسجدة للتلاوة سجد، وقال أبو حنيفة بالوجوب، وأن الكفار يندمون على عدم السجود، وأنه لا يُندم إلا على ترك واجب، وقول الجمهور هو القول الراجح إن شاء الله، وهو قول عمر رضي الله عنه أن سجود التلاوة مستحبٌ وليس بواجب.
ولذلك ذكر على المنبر أنه من أراد أن يسجد فليسجد، ومن أراد ألا يسجد فلا يسجد، وأنه ليس عليه حرجٌ من ذلك، لكن ماذا يفعل إذا أراد أن يسجد؟ يكبر ويسجد، وذكر شيخ الإسلام رحمه الله: أن الأفضل أن يكون في حال القيام، لأن قول الله: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً} [الإسراء:107] الخرور يكون من القيام، وإذا سجد ماذا يقول في سجوده؟ يقول: سبحان ربي الأعلى كما يقول في الصلاة، قياساً على الصلاة، وورد أيضاً دعاء صحيح ثابت في الترمذي وابن خزيمة: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! إني رأيت الليلة أصلي خلف شجرة، فقرأتُ السجدة فسجدت الشجرة بسجودي، فسمعتها وهي تقول: اللهم اكتب لي بها أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود) فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدةً بعد ذلك ثم سجد، فقال: ابن عباس: فسمعته يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة.
فإذاً لو قال في سجوده: (اللهم اكتب لي بها أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وارفعني بها درجة -كما جاء في الرواية الآخرى- وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام) كان ذلك حسناً.
هل يشترط الطهارة لسجود التلاوة؟ هذه مسألة اختلف فيها أهل العلم، فالذين قالوا: إنها تُقاس على الصلاة، اشترطوا الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، والمرأة طبعاً تتحجب، والذين قالوا: إنه لا يُقاس عليه لم يشترطوا ذلك، فالأحوط أن الإنسان يكون على طهارة، ويستقبل القبلة، ويكون ساتر العورة ونحو ذلك من الشروط، ويسجد.
هل إذا رفع يكبر أم لا؟ إذا كان في الصلاة يُكبر، لأن الحديث: (كان يُكبر عند كل خفضٍ ورفع) فعموم الحديث يقتضي أنه إذا سجد في الصلاة -سجود التلاوة- يكبر عند السجود، ويكبر عند الرفع من سجدة التلاوة.
وفي خارج الصلاة، هل يكبر عندما يرفع من سجود التلاوة أو لا يكبر؟ وهل يتشهد ويسلم أم لا يتشهد ولا يسلم؟ والعلماء قد أحصوا السجدات.