لابد من تحديد الهدف، وتحديد الهدف مسألة مهمة، والشافعي رحمه الله كان إذا ناظره إنسان في مسألة فدخل في غيرها قال: نفرغ من المسألة الأولى ثم نصير إلى ما تريد، يعني: دعنا نأخذها واحدةً واحدةً، قال الخطيب البغدادي رحمه الله في ذكر آداب الجدل والمناظرة: ويكون كلامه يسيراً جامعاً بليغاً، فإن التحفظ من الزلة مع الإقلال دون الإكثار، وفي الإكثار ما يخفي الفائدة ويضيع المقصود، ويورث الحاضرين الملل.
وقال الجويني رحمه الله: وعليك بمراعاة كلام الخصم، وتفهم معانيه على غاية الاستقصاء، فإن فيه أماناً من اضطراب ترتيب حصول الكلام عليك، فيسهل عليك عند ذلك وضع كل شيءٍ موضعه، وإن طول عليك بعباراته الطويلة فلخص من جميعها موضع الحاجة إليه فتحصرها عليه، يعني: تقول في النهاية: يا أخي! طيب وأصل كلامك ورأيك أنك تقول: كذا كذا، تلخص كلامه الطويل الذي قاله، فإن وافق على هذا التلخيص فاشرع في نقد ما قاله وتفنيده إذا كان ضد الحق بحسب ما تعلمه أنت.
فإذاً لابد من حصر موضوع النقاش؛ لأن التشعبات والنقاشات الكثيرة جداً تضيع المقصود، وتدخل في متاهات، وهذا كثيراً ما نلاحظه في الحوارات العقلية.