سكت الحافظ عنها، إشارة إلى ثبوتها عنده، فإن تبين لي الثبوت ضممتها
إلى تلك الزيادات؛ وإلا أوردتها في هذه "السلسلة"؛ لتكون لي تذكرة، ولغيري
بينة، لا سيما وأن الحافظ ذكر خلافاً في العمل بما في الجملة؛ فقال تحت
حديث هشام (3/134) :
"وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى ضَفْر شَعْر الْمَيِّت خِلَافاً لِمَنْ مَنَعَهُ. فَقَالَ اِبْن الْقَاسِم: لَا
أَعْرِف الضَّفْر، بَلْ يُكَفّ (وفي نسخة: بل يلف) . وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَنَفِيَّة: يُرْسَل
شَعْر الْمَرْأَة خَلْفهَا وَعَلَى وَجْههَا مُفَرَّقاً. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَكَأَنَّ سَبَب الْخِلَاف أَنَّ الَّذِي
فَعَلَتْهُ أُمّ عَطِيَّة هَلْ اِسْتَنَدَتْ فِيهِ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُون مَرْفُوعاً، أَوْ هُوَ شَيْء رَأَتْهُ
فَفَعَلَتْهُ اِسْتِحْسَاناً؟ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُحْتَمَل، لَكِنْ الْأَصْل أَنْ لَا يُفْعَل فِي الْمَيِّت شَيْء
مِنْ جِنْس الْقُرَب إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الشَّرْع مُحَقَّق، وَلَمْ يَرِد ذَلِكَ مَرْفُوعاً، كَذَا قَالَ! وَقَالَ
النَّوَوِيّ: الظَّاهِر اِطِّلَاع النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقْرِيره لَهُ.
قُلْت (الحافظ هو القائل) : وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور بِلَفْظِ الْأَمْر ... " إلخ.
فأقول: وقد عرفت أن الأمر لا يصح رواية؛ لكن ما استظهره النووي هو
الصواب عندي دراية، ومن فائدة هذا التخريج أن ينسب إلى مخالفة الأمر من
لم يظهر له ما استظهره النووي. والله أعلم.
وهناك أمران من أسباب التخريج:
أحدهما: أن المعلق على "الإحسان" (7/305 - طبع المؤسسة) ،وقع في خطأين
اثنين:
الأول: أنه صحح إسناد حماد بن سلمة؛ فلم يتنبه لما وقع فيه من الشذوذ
والمخالفة لثقات، مما يصلح أن يضرب به مثلاً صالحاً للحديث الشاذ.