وأما الثانية: فاعتبرها المتكلمون ولم يعتبرها الفقهاء (?).
وأما الثالثة: فاتفق علماؤنا على أنها لا تعتبر، وأعتبرها أكثر المعتزلة.
هذا حاصل ما ذكره ابن برهان فى الأوسط قال: وهذا ينبنى على أصل كبير بيننا وبينهم، وهو أن الكائنات بأسرها وما يجرى فى العالم عندنا لا يكون إلا بإرادة اللَّه تعالى من خير وشر ونفع وضر وإيمان وكفر ما لم يرده اللَّه أن يكون لا يتصور تكونه، ولهذا أمر إبليس بالشجود ولم يرده، إذ لو أراده لسجد.
وعند المعتزلة: أمره وأراده منه، فلما لم يفعل عصى وكفر، وكذلك أمر الكفار بالإيمان.
قلت: الحق أن الأمر يستلزم الإرادة الدينية، ولا يستلزم الإرادة الكونية (?). فإنه سبحانه لا يأمر إلا بما يريده شرعًا ودينًا، وقد يأمر بما لا يريده كونًا، وفائدته العزم على الأمتثال وتوطين النفس، ومن هنا قال بعض السلف: إن اللَّه أراد من إبليس السجود ولم يرده منه.