وقال آخر: إذا ولي أخوك ولاية فثبت على نصف مودتك فهو كثير. من سماعنا على الشريف أبي المهدي رحمه الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دامت مائدته منصوبة، أو موضوعة بين يديه، حتى ترفع في خير".
آخر عنه عليه السلام أنه قال: "من أكل مع مغفور له، غفر له، ومن صلى على مغفور له، غفر له".
قال علي عليه السلام: شر الأصدقاء من يتكلف له، أو أحوجك إلى مداراة أو ألجأك إلى اعتذار.
قال جعفر بن محمد عليه السلام: إذا قعدتم على المائدة مع الأخوان فأطيلوا، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم.
قال الشيخ الرئيس أبو القسم علي بن عيسى بنت داوود بن الجراح الوزير: دخلت على أبي بكر أحمد بن موسى بن مجاهد، وهو مريض، وعنده جماعة قد أطالوا، فقال: يا أبا القاسم عيادة، ثم ماذا فصرفت من حضر وهممت بالانصراف، فأمرني بالرجوع، ثم أنشدني عن محمد بن الجهم: [البسيط]
لا تضجرن مريضاً أنت عائده ... إن العيادة يوم إثر يومين
بل سله عن حالة وادع الإله له ... كقدر بين حلبين
من زار غباً أخاً دامت مودته ... وكان ذلك صلاحاً للخليلين
قيل عن المهدي أنه قال: أنه من أتوسل إلى أحد توسيلة، ولا تذرع بذريعة هي أقرب من تذكيره يداً سلفت مني إليه أتبعها أختها فالحسن، وبها فإن منع الأواخر يقطع شكر الأوائل، هذا البيت يجمع حروف المعجم أوله كله ولا ينقط وآخره كله بنقط، وهذا هو:
مسطح أصدر عكلاً له ... ضغثٌ تستجدُّ فيظنُّ فخرُ
قال الأوقص قاضي للمدينة، وكان قبيح المنظر قالت لي أمي يا بني خلقت خلقة لا تصلح معها مشاهدة القيان، ولا منادمة الفتيان، وإن جلست مجلساً لم ترمقك العيون فيه، ولم تمل نحوك القلوب، فلو ملت إلى العلم الذي ترفع به الخسيسة، وتتم به النقيصة، فقبلت قولها، فنفعني الله به.
قال علي بن عوف كنت يوماً أتغذى مع المأمون فالتفت إلي وقال لي: خلال قبيحة عند الجلوس على المائدة، منها كثرة مسح اليد، ومسح اللحية، والإكباب على المائدة، وكثر أكل البقل.
يقال ثمانية إن أهينوا، فلا يلوموا إلا أنفسهم: الآتي إلى مائدة لم يدع إليها، والمتأمر على رب البيت في بيته، وطالب الخير من أعدائه، وطالب الرفد من اللئام، والداخل بين اثنين في حديث لم يدخلاه فيه، والمستخف بالسلطان، والجالس في مجلس ليس هو له بأهل، والمقبل بحديثه على من لم يسمعه.
دخل أبو علي البصير على عبيد الله بن سليمان، فسأله حاجة كان مطله بها، ثم قام فأنشده في مجلسه: [البسيط]
إن الزمان الذي يضحي الفتى وله ... فضل على الناس فيه خير أزمانه
فلا تضيق بمعروف وجدت له ... وجهاً وبادر به في وقت إبانه
فربما انقبضت من بعد ما انبسطت ... كف وأعورني من بعد إمكانه
فلما قرأها في وقت سئل حاجة إلا قضاها.
كان مطرف بن عبد الله يقول لأصحابه: إذا كان لأحدكم حاجة، فلا يواجهني بها، وليقلها لي في رقعة، فإني أكره أن أرى عليه ذل السؤال، ويتمثل بهذه البيات:
يا أيها المعني بذل السؤال ... وطالب الحاجات من ذي النوال
لا تحسبن الموت موت البلى ... وإنما الموت سؤال الرجال
كلاهما موتٌ ولكن ذا ... أحسن من ذاك على كل حال
فقال خمسة أشياء تقبح في خمسة أصناف من الناس: الشره في الشيوخ، والحرص في القرى، والبخل في ذوي الأموال، وقلة الحياء في ذوي الأحساب، والحدة في السلاطين.
يقال إن أحزم الناس، واصبرهم من لا يفشي سره إلى صديقه، مخافة أن يصير عدوه.
هذا بيت شعر لا يتحرك به اللسان
إن همي، وهم أحبائي همهم ... وما بهم وهمي ما بي
هذه أبيات كتبها مهذب الدين المصنف لهذه المجموعة، يستهدي حلاوة نصف رمضان من له بينهما مباسط: [الطويل]
بلغت المنى شهر الصيام قد انتصف ... وحلم فاستوفى القضية وانتصف
وفيه معان للكرام ظريفة ... وسنته فضل سنها سادة السلف
لما حبس كسرى بزرجمهر، أمره أن يختار لنفسه غداء لا يتغير، ولباساً لا يتغير، ولا يطلب سواه، فاختار اللبن لغذائه، والأدم للباسه، ومكث برهة في الحبس، فلما رضي عنه، وأخرجه، رأى لونه طرياً وبدنه عتياً.