دخل أعرابي على بعض ملوك الإسلام، قال: مما يطعمني في بقاء النعمة عليك، ويزيدني بصيرة في العلم بدوامها إليك، إنك أخذتها بحقها واستوجبتها بما في حقها من أسبابها، ومن شأن الأشكال أن تقاوم، والأجناس أن تتواصل، والمشي يتغلغل إلى معدته، ويحن إلى عنصره فإذا صادق منبته ضرب بعرقه وبسق تفرعه، وتمكن تمكن الإقامة وثبت ثبات الطبيعة.

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: لا تطيعوا النساء على حال، ولا تأمنوهن، ولا تذروهن إلا لتدبير العيال، إن تركن، وما يردن أردن المهالك، وأزلن الممالك، لا دين لهم، ولا ورع لهن عند شهوتهن، ينسين الخير، ويحفظن الشر، يتهافتن بالبهتان، ويتمادين بالطغيان، ويتصدين للشيطان.

قال الاسكندر: ما نلت من الملك شيئاً هو أحب إلي من أني قدرت علي المكافآت بالإساءة فلم أفعل.

خرج عمر رضي الله عنه في سرية ومعه العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فتأخر العباس فوقف عمر واستوقف الجيش، حتى لحقه العباس، فقال له: ما كان له أن يتقدمكم، فقال العباس: قد تقدمتنا أنت وصاحبك، فقال عمر: ما كان ذلك لفضل رأيناه عليكم، لكن خشينا ضعفائكم، عن هذا الأمر، فقال العباس: بالله العجب ننهض بالنبوة، ولا نعجز، ونضعف عند الخلافة.

قال معاوية: إني لا أضع سوطي في موضع منعني عنه لساني، ولا سيفي في موضع منعني عنه سوطي، ولو أن بيني وبين أحد شعرة لما قطعتها، إذا مدها أرسلتها، وإذا أرسلها مددتها.

قال أعرابي لقبيلة أراد أن يصلح بينهم: هل لكم في الحق، أو فيمنا هو خير لكم من الحق. قالوا: ما خير من الحق. قال: العفو، قال الله تعالى: {وأن تعفوا أقرب للتقوى، ولا تنسوا الفضل بينكم} [البقرة:237] قيل للشعبي: كيف أصبحت؟ قال: بين نعمتين، خبر منشور، وشر مستور.

قال بعضهم لرجل: أراك كلمت، فلم تطل! قال: نعم، كان معي حيرة الداخل، وفكر صاحب الحاجة، وذل المسألة، وخوف الرد مع شدة الطمع.

أنشدنا أبو الحسن بن الدهان المرتب، قال أنشدني ابن الشبل لنفسه: [مجزوء الوافر]

إذا ما شح ذو المال ... سخا الدهر بإنهائه

إذا لم يثمر الغصن ... فقطع الغصن أولى به

خطب المنصور بعد مقتل أبي مسلم الخرساني صاحب الدولة، فقال: أيها الناس لا تخرجوا من أنس الطاعة إلى وحشة المعصية، ولا تمشوا في ظلمة الباطل بعد سعيكم في ضياء الحق. إن أبا مسلم أحسن مبتدئأ، وأساء مغضياً.

فأخذ من الناس أكثر مما أعطى، ورجح قبح باطنه على حسن ظاهره، وما علمناه من حيث سريرته وفساد نيته، ما لو علم اللائم لنا فيه، لعذرنا في قتله، وعنفنا في مهاله، وما زال ينقض بيعته، ويحقر ذمته، حتى أحل لنا عقوبته، وأباحنا ذمته، فحكمنا فيه حكمه في غيره، ولم يمنعني من الحق إمضاء الحق فيه، وما أحسن ما قال النابغة: [البسيط]

ومن أطاع فأعقبه بطاعته ... كما أطاعك وادلُله على الرشد

ومن عصاك فعاقبه معاقبة ... تنهي الظلوم ولا تقعد على ضمد

وقف بعض الصالحين على قبر بعض الملوك، فقال: كم قتلتها لتستريح منها، وهي اليوم أكبر أشغالك؟ دخل المنكدر على عائشة رضي الله عنها فقال: يا أم المؤمنين أعينيني، فقد أصابتني خصاصة، فلم يكن عندها شيء، فلما خرج جاءتها عشرة آلاف درهم من خالد بن أسيد ما أوشك ما ابتليت، وأرسلتها إليه، فاشترى بها جارية بألفي درهم، فولدت ثلاثة بنين، كانوا عباد المدينة، محمد وأبو بكر وعمرو بني المنكدر.

كان مسلمة بن عبد الملك إذا كثر عليه الحوائج وخاف الضجر قال لآذنه: ائذن لجلسائي، ثم يفيض، ويفيضون، فيما ذكر الأكارم فيطر، ويأذن في قضاء حوائج الناس.

رأى أسماء بن خارجة بباب داره رجلاً جالساً، فقال: ما يجلسك هنا، وألح عليه. فقال: جئت سائلاً فخرجت فتاة من هذه الدار فاختطفت قلبي فلعلي، فقال: على رسلك وعرض عليه جميع الجواد، ثم أخرجها، وقد اشتراها من ابنته بثلاثة آلاف درهم، فدفعها إليه فأخذها الرجل، فغدا، وهو يقول: [الوافر]

إذا ما مات خارجة بن حصن ... فلا قطرت على الأرض السماء

ولا جاء البشير بغيم جيش ... ولا حملت على الظهر النساء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015