قال الرياشي البخل قبيح في كل أحد، وهو في ثلاثة: في الشجاع لا يجود بنفسه فكيف يبخل بماله، ومن الشاعر فإنه يذم البخل، ويعيش، ويكرم، ومن الملك فإنه لا يخاف الفقر.
سأل أبو عون الشاعر رجلاً شيئاً، فلم يعطه فألح عليه، فأعطاه، لما أخذ قال: اللهم السائل، والمسؤول نسألهم إلحافاً، ويعطونا كرهاً، فلا يبارك لنا فيهن ولا يؤجرون عليه.
روي أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، تلوت عني الدنيا، وقلت ذات يدي، فال رسول الله: "فأين أنت عن صلاة الملائكة وتسبيح الخلق وبها يرزقون".
فقلت وماذا يا رسول الله؟ فقال: قل: "سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أستغفره مائة مرة، ما بين طلوع الفجر إلى أن تصلي الصبح، تأتيك الدنيا راغمة صاغرة، ويخلق الله من كل كلمة ملكاً يسبح الله إلى يوم القيامة لك ثوابه".
لمهيار: [الوافر]
أخو وجهين تخبره رقاحاً ... وتبصر بظاهره حيييا
وهوباً سالبا وأخاً عدوا ... بفطرته ومنقاداً أبيا
فطنت لخلقه فزهدت فيه ... وبعض القوم يحسبني غبيا
وقد روينا في كتاب (حلية الأولياء) عن علي بن الحسين، قال: كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان، يتهدده ويتواعده، ويحلف له ليحملن إليه مائة ألف من البر ومائة ألف من البحر أو يؤدي إليه الجزية، فسقط في درعه، فكتب إلى الحجاج أن اكتب إلى محمد بن الحنفية بكتاب شديد فتهدده وتواعده ثم أعلمني ما يرده عليك، فكتب الحجاج ذلك، وشدد فيه، وتواعده بالقتل فكتب إليه ابن الحنفية: إن لله عز وجل ثلاثمائة وستين لحظة إلى خلقه، وأنا أرجو أن ينظر الله عز وجل إلي نظرة واحدة، يمنعني بها منك، فبعث الحجاج بكتابه إلى عبد الملك بن مروان، فكتب عبد الملك إلى ملك الروم بنسخته، فقال ملك الروم ما هذا خرج منك ولا أنت كتبته، ما خرج إلا من بيت نبوة.
قال علي بن الحسين عليهما السلام لبنيه: جالسوا أهل الدين، والمعرفة، فإن لم تقدروا عليهم فالوحدة أنس، فإن أبيتم إلا مجالسة الناس، فجالسوا أهل المروءات فإنهم لا يرفثون في مجالسهم. قال الصولي عشق المأمون جارية لامرأته، أم عيسى بنت موسى الهادي، فبلغها ذلك فغضبت عليه، ثم أنهما التقيا على غير موعد ورضى، فقال المأمون: [الوافر]
زمان اللهو يقصر عن تجن ... وأعراض تجر إلى صدود
ذري عنك الذنوب إذا التقينا ... تعالي لا أعود، ولا تعودي
قال علي بن الجهم، سألني أمير المؤمنين المأمون حاجة، وأراد بذلك فرحي فسرت علي فوقع إلى: [السريع]
تعجيل جود المرء إكرامه ... ينشر عنه طيب الذكر
والحر لا يمطل معروفه ... ولا يلي المطل بالحر
قال محمد بن العباس الهاشمي: رأيت دعبل بن علي الشاعر وقفاً عند خشبة بابك الخرمي على برذون أشهب، يتأمل الذي في اليوم الذي مات فيه المعتصم، وجلس الواثق، فقلت، له، ويحك، هذا موقف مثلك، امض إلى منزلك لا يصيبك هنه، فتأتي عليك، فقال: ويحك يا هاشمي، أرأيت أعجب مما نحن فيه، ثم أنشأ يقول: رافعاً صوته: [البسيط]
خليفة مات لم يحزن له أحد ... وآخر قام لم يفرح به أحد
قد مر ذاك ومر الشؤم يتبعه ... وقام هذا فقام الشؤم والنكد
قيل لأعرابي أي الروائح أطيب؟ قال: بدن تحبه، وولد تربه.
أنشد المبرد لمحمد بن زياد الحارثي: [الطويل]
تخالهم صماً عن الجهل، والخنا ... وخرساً عن الفحشاء عند التهاجر
ومرضى إذا لاقوا حباً وعفة ... وعند الحفاظ كالليوث الخوادر
لهم ذل إنصاف وأنس تواضع ... بهم ولهم ذلك رقاب المعاشر
كأن بهم وضماً يخافون عار ... وما وصمهم إلا اتقاء المعاثر
قال العتبي يقال أن الرجل إذا مرض، ثم عوفي، ولم يحدث خيراً، ولم يكف عن شر. لقيت الملائكة بعضها بعضاً، فقالوا: فلان داويناه، فلم ينفعه الدواء.
قال: حكي أن أبا حنيفة قال لجعفر الصادق رضي الله عنه: لم حرم الله الخمر؟ قال: لأنه ما يشربها أحد قط إلا استشعر الظلم، قال: فلم حرم الله الزنا؟ قال: لأنه ما زنا أحد قط إلا سُلب الحياء، قال: فلم حرم الله أكل الميتة؟ قال: لأن ما أكلها أحد قط إلا قسا قلبه، قال: فلم حرم الله الدم؟ قال: لأنه يورث الجذام.