السقاءون ويذهبون بِهِ إِلَيْهَا ويبيعونه
وعَلى مَسَافَة نصف فَرسَخ من طَرِيق برقة بِئْر يُسمى بِئْر الزَّاهِد عِنْده مَسْجِد جميل وَمَاء هَذَا الْبِئْر عذب ويحمله السقاءون إِلَى مَكَّة لبيعه وجو مَكَّة حَار جدا وَفِي آخر بِهن الْقَدِيم (يناير فبراير) رَأَيْت بهَا الْخِيَار والأترنج والباذنجان وَكَانَت كلهَا طازجة
هَذِه هِيَ الْمرة الرَّابِعَة الَّتِي أَزور بهَا مَكَّة وَقد مكثت بهَا مجاورا من غرَّة رَجَب 44 (10 نوفمبر 1050) إِلَى الْعشْرين من ذِي الْحجَّة (3 مايو 1051) وَقد أثمر بهَا الْعِنَب فِي الْخَامِس عشر من فروردين (مارس أبريل) فأحضر من السوَاد إِلَى مَكَّة وَبيع فِي السُّوق وَكَانَ الْبِطِّيخ كثيرا فِي أول اردبهشت (ابريل مايو) وَكَانَت الْفَاكِهَة متوفرة طول الشتَاء فَلم تَنْقَطِع قطّ
وَحين يسير الْمُسَافِر مرحلة وَاحِدَة جنوبي مَكَّة يبلغ ولَايَة الْيمن الَّتِي تمتد حَتَّى شاطئ الْبَحْر والحجاز واليمن متجاوران ولغتهما الْعَرَبيَّة وَفِي الِاصْطِلَاح يُقَال لليمن حمير وللحجاز الْعَرَب ويحيط الْبَحْر البلدين من ثَلَاث جِهَات فهما شبه جَزِيرَة يحدها شرقا بَحر الْبَصْرَة وغربا بَحر القلزم الَّذِي تقدم أَنه خليج وجنوبا الْبَحْر الْمُحِيط وَطول شبه الجزيرة هَذِه الَّتِي هِيَ الْيمن والحجاز من الْكُوفَة إِلَى عدن أَي من الشمَال إِلَى الْجنُوب خَمْسمِائَة فَرسَخ