أَيْضا وَيبدأ النَّاس فِي السّفر ابْتِدَاء من أول ذِي الْقعدَة وينزلون فِي مَوضِع معِين ثمَّ يَسِيرُونَ فِي منتصف هَذَا الشَّهْر ويبلغ خرج الْجَيْش الَّذِي يرافق السُّلْطَان ألف دِينَار مغربي فِي الْيَوْم هَذَا عدا عشْرين دِينَارا مرتبَة لكل رجل فِيهِ ويبلغون مَكَّة فِي خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا ويمكثون بهَا عشرَة أَيَّام ثمَّ يعودون إِلَى مصر فِي خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا ونفقاتهم فِي الشَّهْرَيْنِ سِتُّونَ ألف دِينَار مغربي عدا التعهدات والصلات والمشاهرات وَثمن الْجمال الَّتِي تنْفق فِي الطَّرِيق
وَقد قرى على النَّاس سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة المرسوم التَّالِي من سجل السُّلْطَان
يَقُول أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنه لَيْسَ من الْخَيْر أَن يُسَافر الْحجَّاج للحجاز هَذَا الْعَام فَإِن بِهِ قحطا وضيقا وَقد هلك بِهِ خلق كَثِيرُونَ وَأَنِّي أَقُول هَذَا شَفَقَة بِالْمُسْلِمين فَلم يُسَافر الْحجَّاج وَكَانَ السُّلْطَان يُرْسل الْكسْوَة للكعبة كالمعتاد لِأَنَّهُ يرسلها مرَّتَيْنِ كل سنة فَلَمَّا سَافَرت الْكسْوَة مَعَ وَفد السُّلْطَان عَن طَرِيق القلزم سَافَرت مَعَهم فَخرجت من مصر أول ذِي الْقعدَة وَبَلغت القلزم فِي الثَّامِن مِنْهُ وَمن هُنَاكَ أقلعت السَّفِينَة فَبَلغنَا بعد خَمْسَة عشر يَوْمًا مَدِينَة تسمى الْجَار فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة وقمنا من هُنَاكَ فَبَلغنَا مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد أَرْبَعَة أَيَّام
وَالْمَدينَة بلد على حافة الصَّحرَاء أرْضهَا رطبَة وملحة يجْرِي بهَا مَاء قَلِيل وَهِي كَثِيرَة النّخل والقبلة هُنَاكَ نَاحيَة الْجنُوب وَمَسْجِد الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قدر الْمَسْجِد الْحَرَام ومقامه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِجَانِب الْمِنْبَر يسَار الْمُصَلِّين وَهُوَ متوجهون نَاحيَة الْقبْلَة فحين يذكر الْخَطِيب وَهُوَ فَوق