سفر نامه (صفحة 71)

فِي كل حَيّ مِنْهُمَا

وَفِي وسط سوق مصر جَامع يُسمى بَاب الْجَوَامِع شيده عَمْرو بن الْعَاصِ أَيَّام إمارته على مصر من قبل عمر بن الْخطاب وَهَذَا الْمَسْجِد قَائِم على أَرْبَعمِائَة عَمُود فِي الرخام والجدار الَّذِي عَلَيْهِ الْمِحْرَاب مغطى كُله بألواح الرخام الْأَبْيَض الَّتِي كتب الْقُرْآن عَلَيْهَا بِخَط جميل ويحيط بِالْمَسْجِدِ من جهاته الْأَرْبَع الْأَسْوَاق وَعَلَيْهَا تفتح أبوابه وَيُقِيم بِهَذَا الْمَسْجِد المدرسون والمقرئون وَهُوَ مَكَان اجْتِمَاع سكان الْمَدِينَة الْكَبِيرَة وَلَا يقل من من فِيهِ فِي أَي وَقت عَن خَمْسَة آلَاف من طلاب الْعلم والغرباء وَالْكتاب الَّذين يحررون الصكوك والعقود وَغَيرهَا وَقد اشْترى الْحَاكِم بِأَمْر الله هَذَا الْمَسْجِد من أَبنَاء عَمْرو بن الْعَاصِ وَكَانُوا قد ذَهَبُوا اليه وَقَالُوا نَحن فُقَرَاء معوزون وَقد بنى جدنا هَذَا الْمَسْجِد فاذا اذن السُّلْطَان نهدمه ونبيع أحجاره ولبناته فَاشْتَرَاهُ الْحَاكِم بِمِائَة آلف دِينَار وَأشْهد على ذَلِك كل أهل مصر ثمَّ أَدخل عَلَيْهِ عمارات كَثِيرَة عَظِيمَة مِنْهَا ثريا فضية لَهَا سِتَّة عشر جانبا كل جَانب مِنْهَا ذِرَاع وَنصف فَصَارَت دائرتها اربعا وَعشْرين ذِرَاعا

ويوقدون فِي ليَالِي المواسم أَكثر من سبعماية قنديل وَيُقَال ان وزن هَذِه الثريا خَمْسَة وَعِشْرُونَ قِنْطَارًا فضَّة كل قِنْطَار مائَة رَطْل وكل رَطْل أَرْبَعَة وَأَرْبَعُونَ وَمِائَة دِرْهَم وَيُقَال انه حِين تمّ صنعها لم يَتَّسِع لَهَا بَاب من أَبْوَاب الْمَسْجِد لكبرها فخلعوا بَابا وأدخلوها مِنْهُ ثمَّ أعادوا الْبَاب مَكَانَهُ ويفرش هَذَا الْمَسْجِد بِعشر طَبَقَات من الْحَصِير الْجَمِيل الملون بَعْضهَا فَوق بعض ويضاء كل لَيْلَة بِأَكْثَرَ من مائَة قنديل

وَفِي هَذَا الْمَسْجِد مجْلِس قَاضِي الْقُضَاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015