الأَرْض حِين يغطى وَقد بنى لِتجمع فِيهِ مياه الْمَطَر وعَلى الْحَائِط الجنوبي بَاب يُؤَدِّي الى ميضأة يذهب اليها من يحْتَاج الى الْوضُوء فيجدده وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يلْحق الصَّلَاة اذا هُوَ خرج من الْمَسْجِد ليتوضأ اذ ان اكبر الْمَسْجِد يفوت عَلَيْهِ الصَّلَاة اذا اجتازه وكل الأسقف ملبسة بالرصاص
وَقد حفرت فِي ارْض الْمَسْجِد أحواض وصهاريج كَثِيرَة فان الْمَسْجِد مشيد كُله على صَخْرَة فمهما يهطل من الْمَطَر لَا يذهب خَارج الأحواض وَلَا يضيع سدى بل ينْصَرف الى الأحواض وَينْتَفع بِهِ النَّاس وَهُنَاكَ ميازيب من الرصاص ينزل مِنْهَا المَاء الى أحواض حجرية تحتهَا وَقد ثقبت هَذِه الأحواض ليخرج مِنْهَا المَاء وَيصب فِي الصهاريج بِوَاسِطَة قنوات بَينهَا غير ملوث أَو عفن وَقد رَأَيْت على ثَلَاثَة فراسخ من الْمَدِينَة صهريجا كَبِيرا تنحدر اليه الْمِيَاه من الْجَبَل وتتجمع فِيهِ وَقد أوصلوه بقناة الى مَسْجِد الْمَدِينَة حَيْثُ يُوجد أكبر مِقْدَار من مياه الْمَدِينَة وَفِي الْمنَازل كلهَا أحواض لجمع مَاء الْمَطَر اذ لَا يُوجد غَيره هُنَاكَ وَيجمع كل انسان مَا على سطح بَيته من مياه فان مَاء الْمَطَر هُوَ الَّذِي يسْتَعْمل فِي الحمامات وَغَيرهَا
والأحواض الَّتِي بِالْمَسْجِدِ لَا تحْتَاج الى عمَارَة أبدا لِأَنَّهَا من الْحجر الصلب فاذا حدث بهَا شقّ اَوْ ثقب أحكم إِصْلَاحه حَتَّى لَا تتخرب وَيُقَال ان سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام هُوَ الَّذِي عمل هَذِه الأحواض وَقد جعل الْقسم الْأَعْلَى مِنْهَا على هَيْئَة التَّنور وعَلى رَأس كل حَوْض غطاء من حجر حَتَّى لَا يسْقط فِيهِ شَيْء وَمَاء هَذِه الْمَدِينَة أعذب وأنقى من أَي مَاء آخر وتستمر الميازيب فِي قطر الْمِيَاه يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَلَو كَانَ الْمَطَر قَلِيلا الى ان يصفو الجو وتزول آثاره السَّيئَة وَحِينَئِذٍ يبْدَأ الْمَطَر
قلت ان مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس تقع على قمة جبل وان أرْضهَا غير مستوية أما الْمَسْجِد فأرضه مستوية فخارج الْمَسْجِد حَيْثُمَا تكون الأَرْض منخفضة يرْتَفع حَائِطه اذ يكون أساسه فِي أَرض واطئة وحيثما تكون الأَرْض مُرْتَفعَة