حَتَّى زوزن الَّتِي تقع على مسيرَة اثْنَيْنِ وَسبعين فرسخا
وَبعد إثني عشر فرسخا من قيامنا من طبس بلغنَا قَصَبَة تسمى الرقة بهَا مياه جَارِيَة وَزرع وبساتين وأشجار وحصن وَمَسْجِد جُمُعَة وقرى ومزارع كَبِيرَة وَفِي التَّاسِع من ربيع الآخر (8 أغسطس) غادرنا الرقة وَفِي الثَّانِي عشر من هَذَا الشَّهْر بلغنَا تون وَبَينهمَا عشرُون فرسخا وتون مَدِينَة كَبِيرَة وَلَكِن معظمها كَانَ خرابا حِين رَأَيْتهَا وَهِي على حافة وَاد بِهِ المَاء الْجَارِي والقنوات وَفِي جَانبهَا الشَّرْقِي بساتين كَثِيرَة وَلها حصن مُحكم وَقيل إِنَّه كَانَ بهَا أَرْبَعمِائَة مصنع للسجاد وَفِي الْمَدِينَة كثير من شجر الفستق فِي بساتين الْمنَازل ويعتقد سكان بَلخ وطخارستان أَن الفستق لَا ينْبت وَلَا يَنْمُو إِلَّا على الْجبَال
وَلما رحلنا من تون حكى لي الرجل الَّذِي بَعثه مَعنا الْأَمِير كيلكي فَقَالَ كُنَّا ذَاهِبين ذَات مرّة من تون إِلَى كنايد فَخرج علينا اللُّصُوص وتغلبوا علينا فَألْقى بَعْضنَا من الْخَوْف بِنَفسِهِ فِي بِئْر تجْرِي تَحت الأَرْض وَكَانَ لوَاحِد من هَؤُلَاءِ وَالِد شفوق فجَاء واستأجر رجلا لينزل إِلَى الْبِئْر وَيخرج وَلَده مِنْهَا واستعان الْجَمَاعَة بِكُل مَا لديهم من الحبال وأتى رجال كَثِيرُونَ وَنزل الرجل مَسَافَة سَبْعمِائة ذِرَاع حَتَّى بلغ القاع وربط الْوَلَد بالحبل وجروه مَيتا وَقد قَالَ الرجل حِين طلع من الْبِئْر إِن بهَا مَاء عَظِيما يتدفق جَارِيا تَحت الأَرْض مَسَافَة أَربع فراسخ وَيُقَال إِن كيخسرو هُوَ الَّذِي أَمر بحفرها
وَفِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من شَوَّال (23 أغسطس) بلغنَا مَدِينَة قاين وَبَينهَا وَبَين تون ثَمَانِيَة عشر فرسخا تجتازها الْقَافِلَة فِي أَرْبَعَة أَيَّام وَهِي مَسَافَة شاقة وقاين مَدِينَة كَبِيرَة حَصِينَة حولهَا خَنْدَق وَبهَا مَسْجِد جُمُعَة بِهِ مَقْصُورَة عَلَيْهَا عقد عَظِيم لم أر أكبر مِنْهُ فِي خُرَاسَان وَهُوَ غير متناسب مَعَ حجم الْمَسْجِد وعَلى جَمِيع بيُوت الْمَدِينَة قباب وزوزن على مسيرَة ثَمَانِيَة