الْخُرُوج من وسط هَذَا الرمل وَيهْلك وبدا لنا طوال سِتَّة فراسخ أَرض ملحة متحركة يختفي فِيهَا من ينحرف اليها عَن الطَّرِيق الْمَحْدُود وَمن هُنَاكَ ذَهَبْنَا عَن طَرِيق رِبَاط زبيدة الْمُسَمّى رِبَاط المرامي وَهُوَ يحتوي على خمس آبار وَلَوْلَا هَذَا الرِّبَاط وَالْمَاء الَّذِي بِهِ لما اسْتَطَاعَ أحد اجتياز هَذِه الصَّحرَاء ثمَّ دَخَلنَا نَاحيَة طبس فِي قَرْيَة تسمى رستاباد وَفِي التَّاسِع من ربيع الأول سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة (9 يوليو 1052) بلغنَا طبس وَيُقَال إِن بَينهَا وَبَين أصفهان عشرَة وَمِائَة فَرسَخ وطبس مَدِينَة مزدحمة وَلَو انها تشبه الْقرْيَة مَاؤُهَا قَلِيل وزراعتها أقل وَبهَا النّخل والبساتين وَتَقَع نيسابور على مسيرَة أَرْبَعِينَ فرسخا مِنْهَا شمالا وخبيص على مسيرَة أَرْبَعِينَ فرسخا جنوبا فِي طَرِيق الصَّحرَاء وناحية الْمشرق جبل صَعب المرتقى وَكَانَ أميرها فِي ذَلِك الْوَقْت كيلكى بن مُحَمَّد الَّذِي استولى عَلَيْهَا بِالسَّيْفِ وَالنَّاس هُنَاكَ فِي سَلام وَأمن عظيمين حَتَّى انهم لَا يغلقون بُيُوتهم لَيْلًا ويتركون الْبَهَائِم فِي الطَّرِيق مَعَ أَن الْمَدِينَة غير مسورة وَلَا تجرؤ امْرَأَة على الْكَلَام مَعَ شخص أَجْنَبِي عَنْهَا فَإِذا فعلت قتل الِاثْنَان وَكَذَلِكَ لَا سَرقَة وَلَا قتل بِفضل حزم الْأَمِير وعدله
وَقد رَأَيْت الْأَمْن وَالْعدْل فِيمَا رَأَيْت من بِلَاد الْعَرَب والعجم فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع الأول بالدشت أَيَّام لشكر خَان وَالثَّانِي فِي الديلم أَيَّام أَمِير الْأُمَرَاء جستان بن إِبْرَاهِيم وَالثَّالِث بِمصْر أَيَّام الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالرَّابِع بطبس أَيَّام الْأَمِير أبي الْحسن كيلكى بن مُحَمَّد فَلم أسمع على كَثْرَة مَا سَافَرت بِمثل مَا فِي هَذِه الْجِهَات من الْأَمْن وَلم أره
وَقد استبقانا الْأَمِير رَضِي الله عَنهُ سَبْعَة عشر يَوْمًا بطبس وأضافنا وَأمر لنا بصلات وَقت الرحيل معتذرا عَن ضآلتها وَأرْسل مَعنا أحد فرسانه