الْجزع المطل على النَّهر وَهَذَا النَّهر هُوَ شط الْعَرَب ويلتقي دجلة والفرات عِنْد حُدُود مَدِينَة الْبَصْرَة ويلتقي بهما أَيْضا قناة المويزة فيسمى النَّهر حِينَئِذٍ شط الْعَرَب وَيتَفَرَّع من شط الْعَرَب هَذَا قناتان كبيرتان بَين منبعهما مَسَافَة فَرسَخ وَقد شقا صوب الْقبْلَة مَسَافَة أَرْبَعَة فراسخ ثمَّ يَلْتَقِيَانِ ويكونان قناة وَاحِدَة تسير مَسَافَة فَرسَخ وَاحِد نَاحيَة الْجنُوب وَمن هَاتين القناتين شقَّتْ ترع كَثِيرَة مدت فِي كل الْأَطْرَاف وغرست أَشجَار النخيل والحدائق على شواطئها والقناة الْعليا وَهِي الشمالية الشرقية تسمى نهر معقل وَالثَّانيَِة وَهِي الغربية الجنوبية تسمى نهر الأبله ومنهما تتكون جَزِيرَة كَبِيرَة مستطيلة وَالْبَصْرَة على أقصر ضلع من هَذَا المستطيل والجنوب الغربي لِلْبَصْرَةِ صحراء لَيْسَ بهَا عمرَان وَلَا مَاء وَلَا شجر مُطلقًا وَكَانَ مُعظم الْبَصْرَة خرابا وَنحن هُنَاكَ والجهات العامرة متباعدة جدا من وَاحِدَة لأخرى نصف فَرسَخ من الخراب وَلَكِن بَابهَا وسورها محكمان وقويان وَبهَا خلق كثير وَدخل سلطانها كَبِير كَانَ أميرها فِي ذَلِك الْوَقْت ابْن أبي كاليجار الديلمي الَّذِي كَانَ ملك فَارس وَكَانَ وزيره رجلا فارسيا اسْمه ابو مَنْصُور شاه مردان
وَينصب السُّوق فِي الْبَصْرَة فِي ثَلَاث جِهَات كل يَوْم فَفِي الصَّباح يجْرِي التبادل فِي سوق خُزَاعَة وَفِي الظّهْر فِي سوق عُثْمَان وَفِي الْمغرب فِي سوق القداحين وَالْعَمَل فِي السُّوق هَكَذَا كل من مَعَه مَال يُعْطِيهِ للصراف وَيَأْخُذ مِنْهُ صكا ثمَّ يَشْتَرِي كل مَا يلْزمه ويحول الثّمن على الصراف فَلَا يستخدم المُشْتَرِي شَيْئا غير صك الصراف طالما يُقيم بِالْمَدِينَةِ
حِين بلغنَا الْبَصْرَة كُنَّا من العري والفاقة كأنا مجانين وَكُنَّا قد لبثنا ثَلَاثَة