وأما ما ذهب إليه سيبويه، من أن ألاءة وأشاءة مما لامه همزة، فالقول فيه عندي، أنه إنما عدل بهما عن أن تكونا من الياء، كعباءة وصلاءة وعظاءة، لأنه وجدهم يقولون: عباء وعباية، وصلاءة وصلاية، وعظاءة وعظاية، فحمل الهمزة فيهن على أنها بدل من الياء، التي ظهرت فيهن لاما، ولما لم يسمعهم يقولون أشاية، ولا ألاية، ورفضوا فيهما الياء البتة، دله ذلك على أن الهمزة فيهما لام أصلية، غير منقلبة عن ياء ولا واو، ولو كانت الهمزة فيهما بدلا لكانوا خلقاء1 أن يظهروا ما هي بدل منه، ليستدلوا به عليها، كما فعلوا ذلك في عباءة وأختيها، وليس في ألاءة وأشاءة من الاشتقاق من الياء ما في أباءة، من كونها من معنى أبيت، فلهذا جاز لأبي بكر2 أن يزعم أن همزتها من الياء، وإن لم ينطقوا فيها بالياء.

وإنما لم تجتمع الفاء والعين، ولا العين واللام همزتين، لثقل الهمزة الواحدة، لأنها حرف سفل في الحلق، وبعد عن الحروف3، وحصل طرفا، فكان النطق به تكلفا، فذا كرهت الهمزة الواحدة، فهم باستكراه الثنتين ورفضهما -لا سيما إذا كانتا مصطحبتين غير مفترقتين، فاء وعينا، أو عينا ولاما- أحرى4، فلهذا لم تأت في الكلام لفظة توالت فيها همزتان أصلان البتة.

فأما ما حكاه أبو زيد من قولهم دريئة5 ودرائئ وخطيئة فشاذ لا يقاس عليه، لا سيما وليست الهمزتان أصلين بل الأولى منهما زائدة. وكذلك قراءة أهل الكوفة: "أئمة" شاذة عندنا، والهمزة الأولى6 أيضا زائدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015