سر الفصاحه (صفحة 99)

فليس من التكرار المكروه لما قدمته في بيت أبي الطيب1 وذلك أن المعنى مبنى عليه ومقصور على إعادة اللفظ بعينه. وهذا حد يجب أن تراعيه في التكرار فمتى وجدت المعنى عليه ولا يتم إلا به لم يحكم بقبحه وما خالف ذلك قضيت عليه بالاطراح ونسبته إلى سوء الصناعة.

وقال أبو الفتح بن جنى. قلت لأبي الطيب المتنبي: إنك تكرر في شعرك ذا وذي كثيراً ففكر ساعة ثم قال: إن هذا الشعر لم يعمل كله في وقت واحد. فقلت: صدقت إلا أن المادة واحدة فأمسك.

وأما القسم الثاني من الثمانية المذكورة أولاً وهو أن تجد للفظة في السمع حسناً ومزية على غيرها لا من أجل تباعد الحروف فقط بل لأمر يقع في التأليف ويعرض في المزاج كما يتفق في بعض النقوش على ما بيناه فيما تقدم فإن هذا إنما يكون في التأليف إذا ترادفت الكلمات المختارة فيوجد الحسن فيه أكثر وتزيد طلاوته على ما لا يجمع من تلك الكلمات إلا القليل.

وهذا لعمري إنما يرجع إلى اللفظة بانفرادها وليس للتأليف فيه إلا ما أثاره التواتر والترادف.

وكذلك الثالث والرابع من الأقسام وهما أن تكون الكلمة غير وحشية ولا عامية لأن هذين القسمين أيضاً لا علقة للتأليف بهما. وإنما يقبح إذا كثر فيه الكلام الوحشي أو العامي على حد ما يحسن إذا كثر فيه الكلام المختار فهو يرجع إلى اللفظة المفردة كما قلناه. وعلقة التأليف ما قدمناه من حكم الإسهاب في إيراد المحمود والمذموم إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015