سر الفصاحه (صفحة 100)

أن يتفق لفظة لم تبتذ لها العامة بانفرادها وإنما تستعملها مضافة إلى غيرها فيكون التأليف على هذا الغرض عامياً بحكم ما أفادته الضافة لتلك اللفظة وإذا اتفق هذا وجب تجنبها مضافة والاحتراز من الصيغة التي تعرض فيها بعض الوجوه المذمومة.

وأما الخامس وهو أن تكون الكلمة جارية على العرف العربي الصحيح وللتأليف بهذا القسم علقة وكيدة لأن إعراب اللفظة تبع لتأليفها من الكلام وعلى حكم الموضع الذي وردت فيه.

ولهذه الجملة تفصيل طويل إذا ذكرناه عدلنا عن الغرض المقصود بهذا الكتاب وشرعنا في صريح النحو ومحض علم الإعراب. ولذلك كتب موضوعة له ومقصورة عليه تغنى الناظر فيها عما نذكره في كتابنا هذا ويجد ما يبتغيه هناك مستوفى مستقصى فإن قال لنا قائل: إني إذا أنعمت النظر وأحسنت الفكر واعتبرت قول حسان:

يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل

وغيرت الإعرابي عن وجهه فرفعت المخفوض وخفضت المرفوع وأتيت بما لا يسيغه تأويل ولا يتوجه في مثله عذر ووجدت فصاحة هذا البيت على ما كانت عليه وهو جار على القانون العربي ومتى اعتبرت باقي الأقسام وجدت الأمر فيه على ما ذكرتموه ومخالفة لحكم هذا النوع لتأثيرها في الفصاحة ورونق الكلام وهذا يوجب عليكم الامتناع من إيراد هذا القسم في الجملة والاقتصار على ما تشهد النفوس بصحته ويقضي التأمل بتقبله. وقيل له: إننا لا ننكر أن يكون بعض ما ذكرناه من الأقسام أظهر من بعض وتأثيرها في الفصاحة أوضح وأجلى ن غيره.

لكنا على كل حال لا نرضى بالقطع على اختيار الكلام العربي المؤلف والشهادة بحسنه وهو مخالف لما تلفظت به العرب وتواضعت عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015