سر الفصاحه (صفحة 98)

لعلنا أن نأتي به في هذا الكتاب من لفظة قد أنكرناها وأمرنا بتجنبها فإن الإنسان عم عن عيبه.

ولنا بمن ذكرناه أسوة.

وهذا الذي أنكرناه من تكرار الألفاظ فن قد أولع به الشعراء والكتاب من أهل زماننا هذا حتى لا يكاد الواحد منهم يغفل عن كلمة واحدة فلا يعيدها في نظمه أو نثره ومتى اعتبرت كلامهم وجدته على هذه الصفة. وما أعرف شيئاً يقدح في الفصاحة ويغض من طلاوتها أظهر من التكرار لمن يؤثر تجنبه وصيانة نسجه عنه. إذ كان لا يحتاج إلى كبير تأمل لا دقيق نظر.

وقلما يخلو واحد من الشعراء المجيدين أو الكتاب من استعمال ألفاظ يديرها في شعره حتى لا يخل في بعض قصائده بها. فربما كانت تلك الألفاظ مختارة يسهل الأمر في إعادتها وتكريرها إذا لم تقع إلا موقعها. وربما كانت على خلاف ذلك.

وقد كان أبو الحسن مهيار بن مرزويه1 ممن غرى بلفظة طين وطينة فما وجدت له قصيدة تخلو من ذلك إلا اليسير حتى وضع هذه اللفظة تارة في غير موضعها ومستعارة لما لا يليق بها وأقرها مقرها في بعض الأماكن ووافق بينها وبين ما ألفت معها. وذلك موجود في شعره لم يتتبعه.

فهذا وإن لم يكن محموداً عندي فهو أصلح من التكرار في القصيدة الواحدة أو البيت الواحد.

فأما قول بعضهم:

ولولا دموعي كتمت الهوى ... ولولا الهوى لم تكن لي دموع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015