سر الفصاحه (صفحة 94)

من أقصى الحلق والميم من الشفتين واللام متوسطة بينهما وعلى مذهبه كان يجب أن يكون هذا التأليف متنافراً لأنه على غاية ما يمكن من البعد وكذلك أم وأو لأن الواو من أبعد الحروف من الهمزة. وليس هذان المثالان مثل عح ولا سز لما يوجد فيهما من التنافر لقرب ما بين الحرفين في كل كلمة ومتى اعتبرت جميع الأمثلة لم تر للبعد الشديد وجها في التنافر على ما ذكره فأما الإدغام والإبدال فشاهدان على أت التنافر في قرب الحروف دون بعدها لأنهما لا يكادان يردان في الكلام إلا فراراً من تقارب الحروف وهذا الذي يجب عندي اعتماده لأن التتبع والتأمل قاضيان بحضته وإذا ثبت ما ذكرناه فقد بان أن تكرر الحروف والكلام يذهب بشطر من الفصاحة وقد كان بعض العلماء بالشعر يعيب في قول أبي تمام:

كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي ومتى ما لمته لمته وحدى

تكرر حروف الحلق على سلامة المعنى واختيار الألفاظ.

فأما قول أبي الطيب:

العارض الهتن بن العارض الهتن بن ... العارض الهتن بن العارض الهتن1

فمن أقبح ما يكون من التكرار وأشنعه وإذا كان يقبح تكرار الحروف المتقاربة المخارج فتكرار الكلمة بعينها أقبح وأشنع

وأما قوله أيضاً:

وأنت أبو الهيجا بن حمدان يابنه ... تشابه مولود كريم ووالد

وحمدان حمدون وحمدون حارث ... وحارث لقمان ولقمان راشد2

طور بواسطة نورين ميديا © 2015