سر الفصاحه (صفحة 93)

هلا قلت إن في كلامهم المؤلف من الألفاظ ما هو أيضاً كذلك فإن علم الناظر بأحدهما كالعلم بالآخر وإن قال إن كل لفظة من ألفاظ القرآن متلائمة في الطبقة الوسطى قيل له أولاً إن مشاركة القرآن لطبقة ألفاظهم على هذا الوجه أيضاً باقية ثم ما الفرق بينك وبين من ادعى أن التلائم من ألفاظ القرآن في الطبقة الوسطي فإن أحد الموضعين كالآخر على أن اللفظة المفردة يظهر فيها التلاؤم ظهورا بينا بقلة عدد حروفها واعتبار المخارج وإن كانت متباعدة كان تأليفها متلائماً وإن تقاربت كان متنافراً ويلتمس ذلك بما يذهب إليه من اعتبار التوسط دون البعد الشديد والقرب المفرط فعلى القولين معاً اعتبار التلاؤم مفهوم وليس ينازعنا في كلمة من كلم القرآن إذا أوضحنا لك تأليفها وتقول ليس هذا في الطبقة العليا إلا ونقول مثله في تأليف الألفاظ بعضها مع بعض لأن الدليل على الموضعين واحد فقد بان أن الذي يجب اعتماده أن التأليف على ضربين متلائم ومتنافر وتأليف القرآن وفصيح كلام العرب من المتلائم ولا يقدح هذا في وجه من وجوه إعجاز القرآن والحمد لله. وقد ذهب على بن عيسى أيضاً إلى أن التنافر أن تتقارب الحروف في المخارج أو تتباعد بعداً شديداً وحكى ذلك عن الخليل بن أحمد. ويقال إنه إذا بعد البعد الشديد كان بمنزلة الطفر وإذا قرب القرب الشديد كان بمنزلة مشى المقيد لأنه بمنزلة رفع اللسان ورده إلى مكانه وكلاهما صعب على اللسان والسهولة من ذلك في الاعتدال ولذلك وقع في الكلام الإدغام والإبدال والذي أذهب أنا إليه في هذا ما قدمت ذكره ولا أرى التنافر في بعد ما بين مخارج الحروف وإنما هو في القرب ويدل على صحة ذلك الاعتبار فإن هذه الكلمة الم غير متنافرة وهي مع ذلك مبنية من حروف متباعدة المخارج لأن الهمزة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015