سر الفصاحه (صفحة 92)

من أن يعضده بمثل هذا القول الذي ينفر عنه كل من علق من الأدب بشيء أو عرف من نقد الكلام طرفا.

وإذا عدنا إلى التحقيق وجدنا وجه إعجاز القرآن صرف العرب عن معارضته بأن سلبوا العلوم التي بها كانوا يتمكنون من المعارضة في وقت مرامهم ذلك. وإذا كان الأمر على هذا فنحن بمعزل عن ادعاء ما ذهب إليه من أن بين تأليف حروف القرآن وبين غيره من كلام العرب كما بين المتنافر والمتلائم ثم لو ذهبنا إلى أن وجه إعجاز القرآن الفصاحة وادعينا أنه أفصح من جميع كلام العرب بدرجة ما بين المعجز والممكن لم يفتقر في ذلك ادعاء ما قاله من مخالفة تأليف حروفه لتأليف الحروف الواقعة في الفصيح من كلام العرب وذلك أنه لم يكن بنفس هذا التأليف فقط فصيحا وإنما الفصاحة لأمور عدة تقع في الكلام من جملتها التلاؤم في الحروف وغيره. وقد بينا بعضها وسنذكر الباقي فيم ينكر على هذا أن يكون تأليف الحروف في القرآن وفصيح كلام العرب واحداً ويكون القرآن في الطبقة العليا لما ضام تأليف حروفه من شروط الفصاحة التي التأليف جزء يسير منها فقد بان أن على كلا القولين لا حاجة بنا إلى ادعاء ما ادعاه مع وضوح بطلانه وعدم الشبهة فيه ثم يقال له أليس التلاؤم معتبراً في تأليف حروف الكلمة المفردة على ما ذكرناه فيما تقدم فلا بد من نعم! فيقال له فما عندك في تأليف كل لفظة من ألفاظ القرآن بانفرادها أهو متلائم في الطبقة العليا أم في الطبقة الوسطى فإن قال في الطبقة العليا قيل له أو ليس هذه اللفظة قد تكلمت بها العرب قبل القرآن وبعده ولولا ذلك لم يكن القرآن عربيا ولا كانت العرب فهمته فقد أقررت الآن أن في كلام العرب ما هو متلائم في الطبقة العليا وهو الألفاظ المفردة ولم يتوجه عليك في ذلك ما يفسد وجه إعجاز القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015