سر الفصاحه (صفحة 91)

وقد ذهب أبو الحسن على بن عيسى الرماني1 إلى أن التأليف على ثلاثة أضرب متنافر ومتلائم في الطبقة الوسطى ومتلائم في الطبقة العليا. قال والمتلائم في الطبقة الوسطي كقول الشاعر:

رمتني وستر الله بيني وبينها ... عشية آرام الكناس2 رميم

ألا رب يوم لو رمتني رميتها ... ولكن عهدي بالنضال قديم

قال: والمتلائم في الطبقة العليا القرآن كله وذلك بين لمن تأمله والفرق بينه وبين غيره من الكلام في تلاوم الحروف على نحو الفرق بين المتنافر والمتلائم في الطبقة الوسطى. وهذا الذي ذكره غير صحيح والقسمة فاسدة وذلك أن التأليف على ضربين متنافر ومتلائم وقد يقع في المتلائم ما بعضه أشد تلاوماً من بعض على حسب ما يقع التأليف عليه ولا يحتاج أن يجعل ذلك قسما ثالثاً كما يكون من المتنافرة ما بعضه أشد في التنافر أكثر من بعض ولم يجعل الرماني ذلك قسماً رابعاً. فأما البيتان فليسا في هذا الموضع بأحق من غيرهما. وأما قوله إن القرآن من المتلائم في الطبقة العليا وغيره في الطبقة الوسطى وهو يعنى بذلك جميع كلام العرب فليس الأمر على ذلك ولا فرق بين القرآن وبين فصيح الكلام المختار في هذه القضية ومتى رجع الإنسان إلى نفسه وكان معه أدني معرفة بالتأليف المختار وجد في كلام العرب هي ما يضاهى القرآن في تأليفه ولعل أبا الحسن يتخيل أن الإعجاز في القرآن لا يتم إلا بمثل هذه الدعوى الفاسدة والأمر بحمد الله أظهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015