سر الفصاحه (صفحة 88)

صفة يكون المرضى منه والمكروه بما فيه مقنع وكفاية ثم شرعت الآن في الكلام على التأليف بحسب ذلك وبينت منه الوجوه التي بها يحسن أو يقبح كان الكلام على التأليف بحسب ذلك وبينت منه الوجوه التي بها يحسن أو يقبح كان الكلام في معرفة الفصاحة وحقيقتها واضحاً جلياً وأمكن من لم تكن له بهادرية ولا معرفة الفرق بين فصيح الكلام وغيره باعتبار الصفات التي ذكرتها وكانت منزلة هذا الكتاب لمن لا يعرف البلاغة وطلاوة الكلام منزلة العروض لمن لا ذوق له يميز به بين صحيح النظم من فاسده والنحو لمن لا يعرف طبعاً وعادة وإنما يتكلف ويتصنع وليس يمكن إيضاح الفصاحة لمن يجهلها إلا بهذا السبب وعلى هذا النحو لأن من له بها معرفة وسابق علم إنما حصل له ذلك بالمخالطة والمناشدة وتأمل الأشعار الكثيرة والكلام المؤلف على طول الوقت وتراخى الأزمنة وليس يمكنه أن يحضر لمن أراد تعليمه كل بيت سمعه وفصل تأمله ولفظة كرهها ومعنى حكم بفساده أو بصحته لأن هذا يحتاج إلى الزمان الطويل والأيام الكثيرة بل لا يمكن حصوله البتة فلا طريق إلى العلم بما شرحته إلا من هذا النحو الذي قصدته والطريق الذي سلكت فيه.

فأما من يفرق بين الكلام المختار وغيره فإنه وإن كان غير مفتقر إلى كتابي هذا كافتقار العاري من هذه الصناعة الراغب في اقتباسها فهو محتاج إليه من وجه آخر منزلته أيضاً منزلة العروض والنحو لصاحبي الذوق والطبع لأن العالم بالفصاحة إذا قطع على فصاحة بيت من قصيدة أو فصل من رسالة أو كلمة أو ما أشبه ذلك وفضله على غيره لم يمكنه أن يبين من أين حكم ولا لأي وجه فضل بل إنما يفزع إلى مجرد دعواه ومحض قوله فإذا عرف ما بينته وفصلته في هذا الكتاب علل واستدل وذكر الوجوه والأسباب كما أن العارف صحيح النظم بذوقه والمعرب بطبعه وعادته فإذا وقف على علم العروض والنحو علل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015