سر الفصاحه (صفحة 89)

في البيت الموزون والكلمة المعربة وقال هذا إنما كان صحيح الوزن لأنه من الدائرة الفلانية والبحر الفلاني وضربه كذا وعروضه كذا وعدد أجزائه كذا وذكر ما يحسن فيه من الزحاف ويقبح وفصل ما يفصله العروضيون. وقال في الكلمة المعربة إنما كانت مثلا مرفوعة لأنها فاعلة والفاعل في كلام العرب مرفوع وما يجرى هذا المجرى. وعلى مثل هذا النحو يقول في الفاسد الذي ينفر منه ذوقه أو يكرهه طبعه ويعلله على حد هذا التعليل الذي ذكرته.

ونبتدئ الآن بالقول في تأليف الكلام على ما قدمناه من أن القسم الثاني من الفصاحة صفات توجد في التأليف وتعتبر ما يتفق فيه من الأقسام الثمانية المذكورة في اللفظة المفردة فنقول:

إن الأول منها أن يكون تأليف اللفظة من حروف متباعدة المخارج وهذا بعينه في التأليف وبيانه أن يجتنب الناظم تكرر الحروف المتقاربة في تأليف الكلام كما أمرناه بتجنب ذلك في اللفظة الواحدة بل هذا في التأليف أقبح وذلك أن اللفظة المفردة لا يستمر فيها من تكرار الحرف الواحد أو تقارب الحرف مثل ما يستمر في الكلام المؤلف إذا طال واتسع.

وما زال أصحابنا يعجبون من هذا البيت:

لو كنت كنت كتمت الحب كنت كما ... كنا نكون ولكن ذاك لم يكن

وليس يحتاج إلى دليل على قبحه للتكرار أكثر من سماعه.

وقد روى أن أبا تمام لما أنشد أحمد بن أبي داود قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015