سر الفصاحه (صفحة 115)

أتبع الهوى فيما يذهب إليه. وبيت امرئ القيس عندي ليس من جيد الاستعارة ولا رديئها بل هو من الوسط بينهما وبيتاً الغنوي وذي الرمة أحمد في الاستعارة وأشبه بالمذهب الصحيح منها وإنما قلت ذلك لأن أبا القاسم قد أفصح بأن امرأ القيس لما جعل الليل وسطاً وعجزاً استعار له اسم الصلب وجعله متميطاً من أجل امتداده وذكر الكلكل من أجل منهوضه فكل هذا إنما يحسن بعضه لأجل بعض فذكر الصلب إنما حسن لأجل العجز والوسط والتمطى لأجل الصلب والكلكل لمجموع ذلك. وهذه الاستعارة المبنية على غيرها فلذلك لم أر أن أجعلها من أبلغ الاستعارات وأجدرها بالحمد والوصف وكانت استعارة طفيل وذي الرمة عندي أوفق وأصح لأنها غنية بنفسها غير مفتقرة إلى مقدمة جلبتها.

وقد اختار الآمدي أيضاً قول زهير:

صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعري أفراس الصبا ورواحله

وقال لما كان من شأن ذي الصبا أن يوصف أبداً بأن يقال ركب هواه وجرى في ميدانه وجمح في عنانه ونحو هذا حسن أن يستعار للصبا اسم الأفراس وأن يجعل النزوع عنه بأن تعرى أفراسه ورواحله وكانت هذه الاستعارة من أليق نشيء بما استعيرت له. وعندي أن الاستعارة في بيت طفيل أليق منها في هذا البيت والعلة ما ذكرته في بيت امرئ القيس وذلك أن الاستعارة في بيت زهير مبنية على قولهم ركب هواه وجرى في ميدانه على محو ما قاله أبو القاسم وتلك استعارة بغير شك وقد بنى عليها.

وبيت طفيل أقرب وأحسن لغناه بنفسه.

وقد كنت مثلت في بعض المواضع الاستعارة المحمودة والمذمومة ببيتين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015