أحدهما قول أبى نصر بن نباتة:
حتى إذا بهر الأباطح والربا ... نظرت إليك بأعين النوار
فنظر أعين النوار من أشبه الاستعارات وألقها لأن النوار يشبه العيون وإذا كان مقابلاً لم يجتر فيه ويمر به كان كأنه ناظر إليه وهذه الاستعارة الصحيحة الواضحة التشبيه.
والبيت الثاني قول أبي تمام:
قرت بقران عين الدين وانتشرت ... بالأشترين عيون الشرك فاصطلما1
وقرة عين الدين وانشتار عيون الشرك من أقبح الاستعارات لعدم الوجه الذي لأجله جعل للدين والشرك عيوناً ومع تأمل هذين البيتين يفهم معنى الاستعارة لأن النوار والشرك لا عيون لهما على الحقيقة وقد قبحت استعارة العيون لأحدهما وحسنت للآخر وبيان العلة فيه أن النوار يشبه العيون والدين والشرك ليس فيهما ما يشبهها ولا يقاربها وهذه طريقة متى سلكت ظهر المحمود في هذا الباب من المذموم.
وأما قول الشريف الرضى:
والحب داء يضمحل كأنما ... ترغوا رواحله بغير لغام2
فقريب من قول زهير - أفراس الصبا ورواحله - لكنه أبعد منه لأنه بنى عليه أمراً آخر غير قريب وهو قوله: إن رواحل الصبا ترغو ولا لغام لها.
وهذا المذهب الرديء في الاستعارة على ما قدمناه.