سر الفصاحه (صفحة 108)

فأما قول الله تعالى: {مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} 1 ليس من هذا بشئ وإنما المراد والله أعلم أن المفاتح تنوء بالعصبة أي تميلها من ثقلها وقد ذكر هذا الفراء وغيره وكذلك قوله عز اسمه: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} ليس على ما يزعم بعضهم المراد به وأن حبه للخير لشديد بل المقصود به أنه لحب المال لبخيل - والشدة - البخل أي من حبه للمال يبخل.

فأما قول الحطيئة:

فلما خشيت الهون والعير ممسك ... على رغمه ما أمسك الحبل حافره2

فقد قيل فيه إن الحبل إذا أمسك الحافر فالحافر أيضاً قد شغل الحبل فعلى هذا ليس بمقلوب.

وكذلك قول أبي النجم:

قبل دنو الأفق من جوزائه

لأن الجوزاء إذا دنت من الأفق فقد دنا منها.

وقد حمل أبو الفتح عثمان بن جني قول أبي الطيب:

نحن ركب ملجن في زي ناس ... فوق طيرلها شخوص الجمال

على المقلوب وقال تقديره: نحن ركب من الأنس في زي الجن فوق جمال لها شخوص طير وهذا عندي تعسف من أبي الفتح لا تقود إليه ضرورة. ومراد أبي الطيب المبالغة على حسب ما جرت به عادة الشعراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015