سر الفصاحه (صفحة 107)

كانت فريضة ما تقول كما ... كان الزناء فريضة الرجم1

وإنما الرجم فريضة الزناء.

وعلى هذا حمل أبو القاسم الآمدي قول الطائي الكبير:

طلل الجميع لقد عفوت حميدا ... وكفى على رزئي بذاك شهيدا2

قلل: لأنه يقول مضى حميداً شاهداً على أني رزئت ووجه الكلام أن يكون: وكفى برزءى شاهداً على أنه مضى حميداً لأن حميداً من الطلل قد مضى وليس بمشاهد معلوم وزرءه بما يظهر من تفجعه مشاهد معلوم فلأن يكون الحاضر شاهداً على الغائب أولى من أن يكون الغائب شاهداً على الحاضر. وهذا الذي ذكره الشيخ أبو القاسم رحمه الله قول مثله من يتقدم الناس في هذا العلم ودقيق النظر فيه وكشف سرائره.

وقد حمل بعضهم قول أبي الطيب:

وعذلت أهل العشق حتى ذقته ... فعجبت كيف يموت من لا يعشق

على المقلوب وتقديره عنده: كيف لا يموت من يعشق.

وقال غيره: إن الكلام جار على طريقته والمراد به كيف تكون المنية غير العشق أي أن الأمر الذي يقدر في النفوس أنه في أعلى مراتب الشدة هو الموت ولما ذقت العشق فعرفت شدته عجبت كيف يكون هذا الأمر الصعب المتفق على شدته غير العشق وكيف يجوز أن لا تعم علته حتى تكون منايا الناس كلهم به - وكان هذا أشبه بمراد أبي الطيب من حمل الكلام على القلب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015