وقال الأستاذ الإمام مفتي مصر (?) حرس المولى وجوده في تفسير قوله تعالى -حكاية عن إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام-:
{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)} [البقرة: 128] (?). تاب -بالمثناة كثاب بالمثلثة، ومعناه-: رجع. ويقال: تاب العبد إلى ربه، أي: رجع إليه؛ لأن اقتراف الذنب إعراض عن اللَّه، أي: عن طريق دينه وموجبات رضوانه.
ويقال: تاب اللَّه على العبد؛ لأن التوبة من اللَّه تتضمن معنى الرحمة والعطف، كأن الرحمة الإِلهية تنحرف عن المذنب باقترافه أسباب العقوبة، فإذا تاب عادت إليه وعطف ربه عليه.
والتوبة تختلف باختلاف درجات الناس، فعبدك يتوب إليك من ترك ما أمرته بفعله أو فعل ما أمرته بتركه. وصديقك يتوب إليك ويعتذر؛ إذا هو قصَّر في عمل لك فيه فائدة عما في إمكانه واستطاعته. وولدك يتوب إذا قصَّر في أدب من الآداب التي ترشده إليها؛ ليكون في نفسه عزيزًا كريمًا.
وكذلك تختلف توبات التائبين إلى اللَّه تعالى باختلاف درجاتهم في معرفته وفهم أسرار شريعته.
فعامة المؤمنين لا يعرفون من موجبات سخط اللَّه تعالى وأسباب عقوبته إلَّا المعاصي التي شددت الشريعة في النهي عنها، وإذا تابوا من عمل سيِّئ فإنَّما يتوبون منها.
وخواص المؤمنين يعرفون أن لكل عمل سيِّئ لوثةً في النفس تبعد