وبلغ الملك الظاهر أن جهاركس وأسامة وسراسنقر وغيرهم، قد عزموا على الدخول إلى دمشق، نجدة للملك العادل، فسير الملك الظاهر عسكراً مقدمه سيف الدين بن علم الدين، ليمنعوهم من الدخول، فاختلفوا في الطريق، ودخل المذكورون إلى الملك العادل، فاشتد بهم أزره، ولم يكن ينصح في القتال، وقت الحصار غير العسكر الحلبي، فأما المصري فأكثره منافق.
ووصل المواصلة إلى ماردين، ورحلوا الملك الكامل عنها، ونهبوا ما كان لعسكره بها، فضربت البشائر خارج دمشق في العسكر.
وسير الملك الظاهر عسكراً، مقدمه سيف الدين المذكور إلى الشرق ليجتمعوا مع المواصلة، ويحصروا بلاد الملك العادل بالشرق، وأقطع سيف الدين سروج، وكان الأمر قد استقر مع المواصلة، أن يرد إليهم سروج والرقة. فلما علموا بأن السلطان أقطع سيف الدين سروج انحرفوا عنه، وعادوا، وخرج عسكر الرها، فوقعوا على سيف الدين فانهزم عن سروج.
وفتح الملك المنصور صاحب حماة بارين في ذي القعدة من ابن المقدم وعوضه عنها بمنبج، بعد ذلك على ما سنذكره فيما بعد.
ووصلت رسل الشرق إلى الملك الظاهر وهو على دمشق واتفقوا على أن يكون لصاحب الموصل حران، والرها، والرقة، وسروج، وأن يكونوا يداً واحدة على من خالفهم، وتحالفوا على ذلك، في ذي الحجة من سنة خمس وتسعه وخمسمائة.
ودخلت سنة ست وتسعين، والحصار على دمشق على حاله، وأكثر الأجناد يحملون الأزواد في الليل، ويبيعونه على أهل البلد، فأخرج الملك العادل خزائته جميعها، ثم اقترض من التجار جملة كبيرة، وأمر بعمل الروايا والقرب، للصعود إلى مصر، واستدعى ابنه الملك الكامل من البلاد الشرقية، فجمع وحشد.
وسير الملك الظاهر إلى سيف الدين بن علم الدين، وإلى الملك المنصور صاحب حماة، فاجتمعوا على سلمية ليمنعوا الملك الكامل من العبور، فعبر في جيش عظيم، لم يكن لهما به طاقة، فانحازوا إلى حماة وساق سيف الدين بن علم الدين، وأعلم السلطان الملك الظاهر بذلك.